صفحات 0 تا 53 را از كتاب ﴿نظرة الي القرن العشرين (في ترجمة رسالة نظري به قرن بيستم) ، در اصول عقايد و نظر مؤلف درباره قرن بيستم﴾ انتخاب كرده ايد،
براي ضبط اين صفحات در ديسك ،در منوي File روي SaveAs كليك كرده و نام دلخواه خود را براي ضبط وارد نماييد.
فايل با پسوند htm. در ديسك ايجاد ميشود ، با كليك روي فايل توسط برنامه Internet Explorer ميتوانيد آن را مطالعه نماييد.

نظرة الي القرن العشرين (في ترجمة رسالة نظري به قرن بيستم) ، در اصول عقايد و نظر مؤلف درباره قرن بيستم
مؤلف : مرحوم آقاي حاج عبدالرضا خان ابراهيمي (اع)
صفحات 0 تا 53

صفحه ٠

ترجمة رسالة نظري بقرن بيستم ( نظرة الي القرن العشرين )
٢ في ذكر الباعث علي التأليف
٢ قال : اريد ان اختار لي دينا بالاضافة الي المذهب الذي هو جزء الدين
٣ قال : في دنيا اليوم لايمكن ان يقبل شئ عميانا بلا دليل
١٧ قال : و لهذا الهدف شرعت في التحقيق و بالفعل فأن لي دراسة في الشيخية و قرات للآن ثلاثة كتب ردا عليهم معرفين لهم بأنهم عملاء الاستعمار و لايمكنني قبول ذلك اي قبول نظريات الكتاب البتة
٢٣ قال : هل يمكنكم حتما ان تعطوني كتابا ذكر فيه الحقيقة و اعتقد ان الشيخية حق
٢٦ قال : و كذا ارجو من جنابكم ان تكتبوا نظرياتكم في ايران اليوم و دنيا القرن العشرين و الموضوع المتقدم بالنسبة لي مهم جدا
( با نسخه موجود مقابله شد ) 
صفحه ١


ترجمة رسالة نظري بقرن بيستم ( نظرة الي القرن العشرين )
من مصنفات العالم الرباني و الحكيم الصمداني مولانا الشهيد
الحاج عبدالرضا خان الابراهيمي اعلي الله مقامه
ترجمها مولانا المرحوم العالم الرباني
الحاج السيد علي الموسوي اعلي الله مقامه

صفحه ٢

 بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و سلام علي عباده الذين اصطفي .
و بعد يقول العبد المسكين عبدالرضا بن ابي‌القاسم بن زين‌العابدين انه قد وصلتني رسالة من واحد من الايرانيين المقيمين في المانيا اسمه جمال صقري ( في النسخة الفارسية : صفري )
تحتوي علي مسائل سألها عن السلسلة الجليلة الشيخية و اردت في البداية ان اجيب بجواب مختصر و لكن لما رأيت ان اجوبة تلك المسائل تفيد الكثير من امثاله الذين هم بصدد التحقيق و التفحص في امر الدين كتبت الجواب اكثر تفصيلا و ارجو ان يكون محل استفادته و استفادة امثاله و اجعل عين رسالته متنا و جوابي لها شرحا و لا حول و لا قوة الا بالله .
قال : اريد ان اختار لي دينا بالاضافة الي المذهب الذي هو جزء الدين .
اقول فعل حسن جدا تريد ان تفعله و انت بصدد عمل يبعث علي نجاحك دنيا و اخرة اما دين الله في هذه الاعصار فهو الاسلام و الاديان السابقة مثل دين اليهودية و النصرانية كانت كلها في زمانها علي حق و كان جميع انبيائهم من الله و اخر الانبياء نبينا محمد صلي الله عليه و اله الذي دينه اخر الاديان و كتابه اخر الكتب و حلاله حلال الي يوم القيامة و حرامه حرام الي يوم القيامة و لكن امته كما اخبر هو عنها سابقا انقسمت الي ثلاث و سبعين فرقة اثنتان و سبعون منها ضالة و الفرقة الحقة
صفحه ٣

 منها هي الفرقة الاثناعشرية الذين هم اهل النجاة الذين يعتقدون بأن خليفته علي الحق من بعده اميرالمؤمنين عليه السلام و من بعده اولاده الاحدعشر ائمة المسلمين و اخرهم صاحب الامر عجل الله فرجه حي و غائب و سيظهر اذا رأي الله المصلحة في ظهوره فيملأ الارض قسطا و عدلا و انت اذا اردت ان تختار لك دينا فدين الله هو الاسلام و المذهب الحق مذهب الشيعة الاثني‌عشرية .
قال : في دنيا اليوم لايمكن ان يقبل شئ عميانا بلا دليل .
اقول كان الامر في جميع الاعصار كذلك و لايلزم قبول شئ بلا دليل ابدا و الله جعل الدليل علامة الصدق فقال في كتابه قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين و أعطي للانسان عقلا قبل ان يختار له دينا ليتمكن به من ادراك الكليات و جعله حجة باطنة و هو يهديه الي الطريق المستقيم و بعد معرفة الكليات جعل الرجال حجته في الامور الجزئية فنعرف صفاتهم اولا بدليل العقل ثم بهدايته بالمشاعر الظاهرة نعرف اشخاصهم ثم في الجزئيات نأخذ عنهم لان العقل الموجود في رؤوس الناس غالبا ليس عقلا كاملا و لايمكنه ان يعرف الجزئيات و دليل ذلك انك تري الاشخاص في الامور الجزئية مختلفين و كل واحد يفضل شيئا لايفضله الاخر و يدلك هذا ان عقل احدهما ناقص او عقل كليهما ناقص و نحن اذا لم‌نعرف صاحب العقل الكامل و لم‌نزن عقلنا بعقله فلايمكننا ان نطمئن بأن عقلنا لم‌يخطئ في تشخيصه و لكن الكليات يمكن ادراكها ايضا بالعقل الناقص و لايخطئ لان العقل في الباطن مثل العين في الظاهر فبعضهم تبصر عينه
صفحه ٤

 جيدا و بعضهم اقل فلو ان جماعة لهم اعين ينظرون الي جبل علي مسافة فالعين القوية و الضعيفة كلتاهما تري الجبل فانه كلي و كبير و لكن الجزئيات الموجودة في الجبل الصخور الصغيرة و النباتات الصغيرة و امثالها لايراها جميعهم و يراها جميعها صاحب العين الحديدة و الذي عينه اضعف يري الصخور و النباتات الكبيرة نسبيا و لكن لايري الصغيرة و الذي عينه اضعف لايري ايا من هذه الجزئيات فالمسائل الكلية للعالم مثل اثبات صانع لهذا الملك سهل لجميع العقول سواء كانت ناقصة ام كاملة و كل من كان له ادني عقل يمكنه الاستدلال فكما ان للبناء حتما بانيا كما تري فكذلك هذا الملك بهذه العظمة و هذا النظم و الترتيب حتما له صانع و لم‌يوجد نفسه بنفسه و كذلك يمكنه الاستدلال لما يراه من النظام و الحكمة في هذا العالم بأن صانعه عالم و قادر و صاحب حكمة و لم‌يخلق هذا الملك العظيم بلا فائدة فهذه المسالة الكلية جميع العقول تعرفها و كذا يمكنهم ان يستنتجوا منها ان هذا الصانع حكيم و ان له غاية في خلق بني ادم ايضا ماكان يعلمها بنو ادم أولا و اذا كان قصده اعمالا مخصوصة يعملها بنو ادم فلأنه يعلم انهم جهال و قد خلقهم اولا جهالا فلا بد و ان يوصل اليهم اوامره بنحو من الانحاء و لما كان لايمكنهم ادراك الغيب بالمشاعر التي منحهم اياها فلا بد من ايصال امره اليهم بوسيلة يمكنهم ادراكها بعينهم و أذنهم و تلك الوسيلة ليست الا بشر مثلهم فلا بد و ان يكون لها لسان تتكلم به فيمكنهم سماع كلامها و لها هيكل يشاهدونه و لها كمال خلقة و شعور بحيث يطلع منها علي اوامر
صفحه ٥

 الله و ينقلها الي الآخرين فالجمادات و النباتات و الحيوانات لايمكنها ان تكون تلك الوسيلة قطعا لان شعورها اقل من الاناسي و لايمكنها التكلم فلا بد و ان تكون بشرا مثلنا قطعا و لما كان بنو ادم بعضهم صادقين و بعضهم كاذبين و من الممكن لبعضهم ان يدعي هذا الادعاء كاذبا فالله الحكيم الذي قصده ان يفهم اوامره الخلق حتي لايضلوا فلا بد و ان يجعل علامة محسوسة لذلك الشخص المتكلم عنه حتي يعرفوه و يتيقنوا بانه صاحب شعور اعلي من شعور الاخرين بحيث يمكنه ادراك اوامر الله و لارتباطه مع امر الله له قدرة ليست لغيره و علي كل حال لا بد و ان يؤيده الله و يظهر صدقه لجميع الخلق و يفضح من ادعي هذا الامر كاذبا و يظهر كذبه و من كان له هذا المنصب من قبل الله يسمي رسولا فانه يوصل رسالة الله الينا و يوصل دعاءنا الي الله فهاتان المسألتان الكليتان يمكن معرفتهما بالدليل العقلي و ان كان ناقصا اولا هذا الملك له رب عالم قادر و حكيم و لم‌يخلقنا عبثا و ثانيا لا بد من ان يبعث نبيا مطلعا علي اوامره و نواهيه حتي يطلعنا علي الغرض الذي خلقنا من أجله و له ايات و علامات تكون دليلا علي صدق قوله و لكن ما يكون اسم هذا النبي و ما يكون شكله و في اي مدينة يكون فهذا لايمكننا معرفته بالعقل الناقص و لا بد من الانتظار حتي يعرفنا النبي نفسه فهذان المطلبان نحن نعرفهما بعقولنا و نجعلهما اساسا لعقائدنا ثم نتصدي للتفحص بان هذه النتيجة التي توصلنا اليها بدليل العقل هل انها حصلت واقعا في الخارج و هل جاء احد بهذا الاسم و العنوان ام لم‌يجئ نعم لو تفحصنا
صفحه ٦

 لرأينا انه في الازمنة السابقة جاء اشخاص بهذا العنوان و ادعوا بانهم رسل الله و اظهروا معجزات و ايات و علامات ايضا تدل علي صدق قولهم و الله لم‌يبطل امرهم مع علمه و اطلاعه علي دعواهم بل ايدهم و سددهم و ان كانوا احيانا كاذبين فله القدرة علي ابطال امرهم و نري جماعة اتبعوهم و صدقوا امرهم فتحقق لنا من جميع ذلك ان اولئك الانبياء مثل موسي و عيسي و محمد بن عبدالله عليه و عليهم السلام كانوا جميعا علي حق و كانوا صادقين و من جانب الله و نري ان اخرهم جاء بكتاب يدعي القران بالاضافة الي المعجزات التي اظهرها في زمانه و جعلها اية تصديقه و قال انه انزله الله و انه معجز و لايمكن احد من الخلق ان يأتي بمثله و لحد الان مضي علي ذلك الزمان ما يقرب من الف و أربعمائة سنة و لم‌يستطع احد ان يأتي بمثله و مذكور فيه معجزات الانبياء السابقين و معجزاته صلوات الله عليه و اله و لم‌ينكرها احد في ذلك الزمان و من انكرها قال انها سحر و لكن لم‌ينكروا اصل العمل الذي هو علي خلاف عادة البشر و جميعهم عجزوا عن مثله و لما لم‌يكن هناك دليل علي كونها سحرا فالذين قالوا ذلك فان قولهم دعوي بلا دليل و الله سبحانه مع قدرته لم‌يقم لنا دليلا علي بطلانها ابدا اضف الي ذلك أن معجزته الباقية موجودة بينهم و لم‌يتمكن جميع اعدائه من العرب مع ما بذلوه من غاية جدهم و جهدهم مدة الف و اربعمائة سنة علي ان يأتوا بمثله فمن جميع ذلك يحصل لنا يقين قطعي بصدق قوله و أنه نبي مرسل من جانب الله و أن دينه كما أخبر ناسخ لجميع الاديان السابقة و أنه خاتم الانبياء و شريعته خاتمة
صفحه ٧

 الشرايع و جميع الانبياء السابقين كانوا ايضا علي حق و شريعة كل نبي تنقضي و تنسخ ببعثة رجل يأتي من بعده من اصحاب الشرايع و الذين بقوا تابعين للشرايع السابقة فلانهم انكروا الانبياء اللاحقين و شرايعهم فانهم مخالفون لامر الله و هم علي باطل فبهذه الادلة و المقدمات يثبت اصلان من اصول ديننا ( احدهما ) ان الله موجود و ( الثاني ) أن له نبيا اسمه محمد بن عبدالله صلي الله عليه و اله الذي يتكلم عن الله و يوصل أوامره و نواهيه الينا و بناء علي ذلك فان كلما يخبر به من صفات الله مثل العدل و القدرة و العلم و الاحاطة و جميع الصفات التي لاتعد و لاتحصي فاننا نقبله كله سواء تمكنا بعقلنا الناقص من اثبات تلك الجزئيات أم لم‌نتمكن و كلما لم‌يستقم من تلك الجزئيات بعقلنا الناقص فلا بد من ان ننبذ عقلنا جانبا و نأخذ قوله و نعتقد به لانه لا اطمئنان لنا بعقلنا الناقص بأنه يدرك جميع الجزئيات و كم من الامور و العلوم الدنياوية التي هي من الامور الظاهرية و بعض اهل جنسنا يعرفها نري اننا لاندركها و نسير فيها علي الخطأ و نستنتج من ذلك أن خطأ عقلنا الناقص في الامور الخفية و الغيبية اكثر و طريق السلامة اجتناب العقل الناقص و الاخذ بقول النبي لان عقله كامل و الله يوحي اليه كل شيء لذلك فان كل ما أخبرنا به من الامور الغيبية مثل يوم القيامة و الجنة و النار و الحساب و الكتاب و التكاليف الشرعية نقبله بلا نقاش و كلما عرفناه بعقلنا نشكر الله علي زيادة عقلنا حتي ادركناه و كلما لم‌ندركه بعقلنا نسلمه و نعتقد به و ندعوا الله ان يفتح عين
صفحه ٨

 عقلنا اكثر حتي ندركه بالعقل ايضا فمن هذه الادلة نعلم أن تكليفنا الاخذ بكتاب الله و اقوال النبي فلو نظرنا بعد هذه المقدمات الي كتاب الله لرأينا ان الله مع انه يقول لا رطب و لا يابس الا في كتاب فانا لانعلم من ظاهره الذي هو كتاب صغير كل شئ و حجم الكتاب نفسه يشهد بأنه لايتسع ظاهره لذكر جميع احكام العالم و أموره فجميع المطالب يقينا ليست في ظاهر القران و في القران مذكور أنه لايعلم تأويله الا الله و الراسخون في العلم فنحن لما نعلم من انفسنا بأنا لسنا راسخين في العلم و لانعلم كل شيء في كتاب الله يحصل لنا العلم بأن كتاب الله وحده لايكفينا في هذا اليوم و لايسعنا ان نستخرج العلم بمجهولاتنا و حتي العلم بجزئيات الاحكام الموجودة في ظاهر القرآن فمثلا نحن نقرأ قوله تعالي في القران أقيموا الصلوة و لكن نحن لايمكننا أن نعرف من ذلك كيف نصلي و كم ركعة نصلي و ما الذي نقوله في الصلوة و هكذا جميع الاحكام فالطريق الوحيد الباقي لنا هو الرجوع الي أقوال النبي لان غيره لا اطلاع له علي تلك المعاني و كما اننا لانعرف ذلك أمثالنا ايضا لايعلمون و ان قالوا شيئا فلايعلم صحة فهمهم و لا دليل لنا علي ان نتبع في معرفة القرآن شخصا عقله ناقص مثل عقلنا فان كلينا مشتركان في عدم الاطلاع علي مراد الله فطريقنا الوحيد هو الرجوع الي اقوال النبي صلي الله عليه و اله التي يقال لها السنة في الاصطلاح فلو رجعنا بعد ذلك الي كلام النبي لرأينا أنه لم‌يقم بالدعوة اكثر من ثلاث و عشرين سنة فالثلاثة‌عشر سنة الاولي كان يعيش
صفحه ٩

 في السفر و الغربة و له أتباع قليلون جدا الي أن هاجر الي المدينة و كان في العشر السنين الاخيرة من عمره مشغولا في الحرب و الجدال و قد غزا ثمانين غزوة في هذه المدة القصيرة طبقا لبعض التواريخ يعني في كل خمسة و أربعين يوما غزوة و لم‌يكن له مجال الا قليلا حتي يتمكن به من بيان جميع احكام الامة الي يوم القيامة و ليس في اليد علي ما قيل اكثر من اربعة‌الاف حديث رويت عنه و هي لاتكفي بيان جميع الاحكام فلا بد أن نعلم أن هذا النبي الذي قال أن دينه باق الي يوم القيامة و لم‌يبين جميع الاحكام و كتاب الله الذي وضعه بيننا و هو حاو لجميع الاحكام و نحن لانعلم منه شيئا فما الذي أوضحه لهذه الأمة من بعده من تكليف و أفضل طريق لفهم هذا المطلب هو الرجوع الي أقواله صلي الله عليه و اله فلو لم‌نر شيئا من هذا الامر في اقواله فمن المناسب أن نتردد في صحة نبوته لان من يدعي أنه مرسل من قبل الله و يقول لا بد للجميع من العمل بشريعته الي يوم القيامة و لكنه لم‌يبين في حياته جميع الاحكام و لم‌يبين تكليف من بعده فمثل هذا لايكون عاقلا فضلا عن أن يكون مرسلا من قبل الله و لكن اذا رجعنا الي أقواله فاننا نري أن الامر ليس بهذه المثابة و انه لم‌يغفل عن هذا المطلب و بين تكليف الامة بعده و بلغ امر الله بالتمام و الكمال و بلغ رسالته و في أواخر عمره عند رجوعه من مكة في آخر حجة له جمع المسلمين الذين تجاوز عددهم علي المائة‌الف كما في بعض الروايات و كانوا قد حجوا معه جمعهم في محل يدعي غدير خم و تذكر هذه النكتة في خطبته و قال علي مفسر كتاب
صفحه ١٠

 الله و الداعي اليه الا و أن الحلال و الحرام اكثر من ان أحصيهما و أعرفهما فامر بالحلال و انهي عن الحرام في مقام واحد لذلك أمرت أن أخذ البيعة منكم بقبول ما جئت به من الله في علي اميرالمؤمنين و الائمة من بعده ايها الناس تدبروا آياته و انظروا في محكماته و لاتتبعوا متشابهاته فوالله لايبين لكم زواجره و لايوضح لكم تفسيره الا الذي انا اخذ بيده .
و فيها ايها الناس ان الله امرني و نهاني و انا امرت عليا و نهيته و علم امر ربه عز و جل و نهيه فاسمعوا امره و سلموا له .
و فيها ايها الناس ربكم جل جلاله أمرني أن أقيم عليا بينكم علما و إماما و خليفة و وصيا و أجعله اخي و وزيري .
و فيها من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره .
و روي عن ابن المغازلي من علماء اهل السنة ان عمر بن الخطاب قال لاميرالمؤمنين بعد هذه الخطبة بخ بخ لك يا ابن ابي‌طالب اصبحت مولاي و مولي كل مؤمن و مؤمنة ثم أنزل الله اليوم اكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام دينا . و حديث غدير خم واحد من مئات الاحاديث التي ذكرها النبي صلي الله عليه و اله في شأن خليفته اميرالمؤمنين و حديث الغدير رواه السنة و الشيعة و روي عن ابن شهراشوب انه يوجد اكثر من الف كتاب من تصانيف الشيعة و السنة من المتقدمين و المتأخرين روي فيها هذا الحديث من طرق متعددة و يوجد عدة من هذه
صفحه ١١

 الكتب الان مثل كتاب عبقات الانوار عدة مجلدات كبيرة و كتاب غاية المرام كتاب كبير جدا و كلها روايات هذا الحديث رواه الرواة المختلفة من الشيعة و السنة بالفاظ مختلفة فلايبقي شك للعاقل المنصف بأن النبي صلي الله عليه و اله لم‌يترك أمته من بعده سدي من غير تكليف و قد عين لهم اماما و خليفة و بتعيينه اكمل دين الله و صار محلا لرضا الله فكما ان العقل حكم بأن النبي لا بد و ان يعين خليفة عالما باحكام الله من بعده فكذلك لو رجعنا الي النقل لرأينا ان الامر كذلك فعرفنا بالعقل و النقل ان خليفته اميرالمؤمنين علي بن ابي‌طالب عليه السلام و من جهة اخري رأينا ان غيره ادعوا هذا المقام بعد النبي صلي الله عليه و اله و لكن الله فضحهم و أظهر بطلان أمرهم للملأ عامة فمثلا اولهم ابوبكر فانه جمع حوله جمعا و جعل نفسه خليفة و كفي في بطلان قوله انه لا دليل له علي كونه خليفة و الله جعل الدليل علامة الصدق و قال في كتابه ( هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين ) و هو لم‌يكن له علي خلافته دليل فهو غير صادق نعم روي حديثا واحدا عن النبي صلي الله عليه و اله بأنه قال لاتجتمع امتي علي ضلالة و لا دلالة فيه علي قوله لان الامة جميع المسلمين و جميع المسلمين لم‌يجتمعوا علي خلافته فادعاؤه بلا دليل أضف الي ذلك ان ما ذكره النبي صلي الله عليه و اله من الاحاديث في شأن اميرالمؤمنين بحيث ان ابابكر نفسه اضطر الي الاقرار بها و قال علي المنبر اقيلوني اقيلوني ( لست بخيركم و علي فيكم ) فلو كان صادقا فلماذا تقدم علي من هو خير منه و ان كان كاذبا فأي
صفحه ١٢

 خليفة ينطق بالكذب و كذا من بعده عمر ادعي الخلافة و قوله ايضا كان بلا دليل و كان دليله ان ابابكر نص عليه بالخلافة و لقائل ان يقول له اي حق لابي‌بكر ان يعين خليفة للمسلمين و من الذي اعطاه هذا الحق فالله لم‌يوح اليه بهذا الامر و النبي صلي الله عليه و اله لم‌ينص عليه بالخلافة و لم‌يعطه حق تعيين خليفة و المسلمون لو كان لهم حق انتخاب خليفة فمتي اعطوه حق التعيين هذا و ان عمر عند ما جعل نفسه خليفة و رقي المنبر قال بيعة ابي‌بكر كانت فلتة فمن عاد الي مثلها فاقتلوه فاذا كانت بيعة الخليفة الاول بتصريح الخليفة الثاني فلتة و حكم بقتل من عاد الي مثلها فاي حق له في تعيين خليفة للمسلمين ثم عمر في كلامه هذا ان كان صادقا فان خلافة ابي‌بكر و خلافته تبعا لخلافته التي كانت بتعيينه باطلة و ان كان كاذبا فالكاذب لايمكنه ان يكون خليفة الله و الرسول ثم ان عمر قال علي المنبر ان لي شيطانا يعتريني فاذا زغت فقوموني و اذا اخطأت فاهدوني فأي خليفة مثل هذا حيث يكون العوبة للشيطان و يطلب من الامة التي يجب عليه هدايتها ان يقوموا عوجه و اذا اخطأ ان يصلحوا خطأه و هكذا من بعده الخليفة عثمان فأن دعواه الخلافة من غير دليل فان كيفية خلافته ان عمر اختار ستة لينتخبوا خليفة من بعده و امر رجلا بان يقتل الستة اذا لم‌يعينوا واحدا خليفة فأي حق لعمر بان يحكم مثل هذا الحكم و باي دليل يجيز قتل الستة برأيه و باي دليل يجعل اختيار المسلمين بيد هؤلاء النفر فمن يقول بيعة ابي‌بكر فلتة فخلافته باطلة و خلافته التي كانت بنص
صفحه ١٣

 ابي‌بكر باطلة ايضا اي حق له بان يختار بهذا الشكل خليفة للمسلمين و بعد ذلك كله فان عثمان بلغ مبلغا من الظلم و التجاوز علي اموال المسلمين بحيث اجتمع المسلمون فقتلوه فقول هؤلاء الخلفاء و فعلهم كله شاهد علي بطلان قولهم و الله فضحهم بهذا الشكل و لكن اميرالمؤمنين عليه السلام بأمر من الله و وحي منه نص عليه النبي و لم‌يعب عليه و لم‌ينتقصه اي من المسلمين فعله و قوله قدوة للمسلمين بل للعقلاء اجمعين و لايوجد ادني دليل علي بطلان دعواه فاذا ثبت لنا من طريق العقل و النقل ان النبي لا بد و ان يكون له خليفة و ثبت بالنقل ان النبي (ص) نص علي اميرالمؤمنين ان يكون خليفته من بعده و ادعي هو الخلافة لنفسه و لم‌يورد اي دليل صحيح علي عدم خلافته و الله ايد دعواه و سددها و أظهر بطلان الآخرين المدعين للخلافة فلايبقي شك للمنصف بأن الخليفة بعد النبي (ص) هو اميرالمؤمنين و من بعده بنص النبي و نصه نفسه اولاده الأحدعشر واحد من بعد واحد خلفاؤه من بعده و آخرهم حي و باق الا انه غاب عن الأنظار لمصالح و اذا كانت حجة الله باقية فهو من اعظم الادلة علي حقانية الشيعة الاثني‌عشرية لأننا نري الان السنة ليس لهم خليفة و لو بالباطل و الشيعة غير الأثني‌عشرية ليس لهم امام حي ايضا و يكفي ذلك في بطلان امرهم فلا محيص لهم من ان يقولوا انهم ليس لهم واسطة بينهم و بين الله و ليس لهم طريق اليه و الارتباط مقطوع و لكن الشيعة الأثني‌عشرية المعتقدين بحيوة ولي العصر عجل الله فرجه فانهم يعلمون بأنهم في مرأي الأمام و مسمعه و انهم مطمئنون بحفظه للدين المبين و يعملون
صفحه ١٤

 بشرايع دينهم بالعلم و اليقين و بالاعتماد علي حفظه و الفرقة الوحيدة التي علي الحق هي هذه الجماعة فبهذه الادلة يثبت الاصل الثالث من ديننا و هو معرفة الأئمة و الآن نفكر ايضا و نقول ان جميع ذلك صحيح فالنبي صلي الله عليه و آله نبي و لكنه ارتحل عن الدنيا و خلفاؤه احدعشر ارتحلوا عن الدنيا و ثاني‌عشرهم غاب عن الانظار و لاتصل ايدينا الي واحد منهم فما الذي يجب علينا ان نصنعه فان كانوا من جانب الله و مأمورين بأبلاغ اوامره و دين الاسلام باق الي يوم القيامة ففي هذه الفرجة في ايام الغيبة التي نحن في جزء منها لا بد ان يكون قد عين تكليفنا و لم‌يتركنا و انفسنا فلنرجع الي اقواله لنري ما الذي نفهمه فاذا رجعنا اليها نري انه عجل الله فرجه عين تكليفنا و ذكر في احد توقيعاته ( اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و انا حجة الله ) فنفهم ان تكليفنا اجمالا هو الرجوع الي الاشخاص الذين يروون حديثه و لكن لحد الان لم‌يتضح لنا ان كل من فتح كتابا و روي لنا حديثا هو حجة امام الزمان عليه السلام علينا ام له شروط خاصة فأذا تتبعنا في اقواله ايضا وجدنا انه ذكر في كتاب اخر قوله ( لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا قد عرفوا بانا نفاوضهم سرنا و نحملهم اياه اليهم ) فمن هذا الكلام نفهم انه لا بد و ان نأخذ بروايات الثقات و محل الاعتماد لا كل راو و اذا تتبعنا في الاخبار وجدنا قول الحسن العسكري عليه السلام حيث يقول ( فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا علي هواه
صفحه ١٥

 مطيعا لأمر مولاه فعلي العوام ان يقلدوه و ذلك لايكون الا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم ) فمن هذا الكلام نفهم ان من نأخذ ديننا منه لا بد و ان يكون عاملا بما يرويه بالاضافة الي كونه راويا ثقة و أن يحفظ نفسه عن مخالفة اوامر الامام و ان يكون متدينا في الواقع و معتقدا و حافظا لدينه و ان لايعمل بهواه و يكون مخالفا له و ان يكون مطيعا لأمر امامه و بالاضافة الي ذلك فأن مما وضعه من الذكاوة في آخر كلامه نفهم انه لا كل من تشكل بشكل الفقهاء صار متصفا بهذه الصفات بل بعضهم اتصف بها و ليس كلهم و تقليد المتصفين بتلك الصفات واجب و لايجب تقليد غيرهم و جميع الشيعة مجمعون علي صحة هذه الاحاديث الثلاثة و قائلون بها و لا شك في انها قول الامام عليه السلام و دستوره في ايام الغيبة هو هذا فاتضح اجمالا تكليفنا القطعي فلا بد و ان نتبع امثال هؤلاء الاشخاص فلنشرع الان بالبحث عن مثل هذا الشخص الذي امرنا الامام بالرجوع اليه في ايام الغيبة و بديهي ان مثل هذا الشخص ليس من عبدة الاوثان و لا بد و ان يكون من الموحدين و ليس من اليهود و النصاري و لا بد و ان يكون من المسلمين و ليس من اهل السنة لانهم منكرون امامة أئمتنا فلا بد و ان يكون من الشيعة الأثني‌عشرية و ليس من الجهال لاننا طالبون للعلم و الجاهل ليس عنده علم فلا بد و ان يكون من العلماء و من الذين يدعون العلم و الذين لم‌يتصف منهم ايضا بتلك الصفات لاينبغي الرجوع اليه بداهة فلايبقي الا واحد او انفار معدودة نعرفهم بصفة العلم بالاخبار و العمل بها و كونهم مطيعين للأئمة و عدم عملهم بالراي و لكن
صفحه ١٦

 طبعنا المدقق يحتمل ايضا انه يمكن لبعضهم ان يظهر نفسه بهذه الصفات رياء و تزويرا و ليس متصفا بها في باطنه و اظهر نفسه بهذه الصفات للاغراض الدنيوية حبا للمال و الرئاسة و امثالها و لكنه في الباطن كاذب غير متق و ليست له رغبة في ان يفهم كلام الله و الرسول تماما فيرويه لنا و يمكن لعدم تقواه ان يجعل مطلبا من المطالب علي خلاف امرهم لنفع دنيوي و يتكلم بالباطن ( بالباطل ظ )
فهنا في مثل هذا الموضع كساير المواضع لا بد و ان يطلب من الله العون و الاطمئنان بتأييده و تسديده لانه اخبر في كتابه بان عليه احقاق الحق و ابطال الباطل و اوعد المجاهدين في طريقه هدايتهم سبله فقال ( الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) و امثال اولئك الفقهاء الذين وصفهم الامام عليه السلام هم سبل الله و الذي يجتهد و يطلب معرفتهم من دون غرض و قصد فان الله يعرفهم له البتة و يؤيدهم و يسددهم و الذين يدعون لأنفسهم هذا المنصب رياء و تزويرا يفضحهم البتة و يوضح كذبهم لطالب الحق واقعا و دليل التأييد و التسديد هذا الذي يجعل الأنسان مبني عمله متكيا عليه هو من احكم الادلة فأن حصل فمن الممكن ان يحصل اليقين للأنسان و أن لم‌يحصل فلايمكن ان يحصل في الدنيا يقين واقعي بأي شيء ابدا و ان التفت فأننا اثبتنا نبوة الانبياء و امامة الائمة بهذا الدليل اخيرا و هذا الدليل مختص بمن ارتفع عقله عن عامة الناس لان العوام يعتمدون علي الاسباب و من يستدل بهذا الدليل يعتمد علي مسبب الاسباب و انت اذا اردت ان تفهم اي شيء و تحصل علي اليقين الواقعي فاستعمل هذا الدليل بالنحو
صفحه ١٧

 الذي رأيت كيف حصلنا به علي اصول ديننا و فهمناها فأن ( اولها ) معرفة الله و الأقرار بربوبيته و ( الثاني ) معرفة نبيه فانا عرفنا نبي هذا الزمان محمد بن عبدالله صلي الله عليه و اله و انه لا نبي بعده و ( الثالث ) معرفة خلفائه و عرفنا انهم الأئمة الاثناعشر و ( الرابع ) معرفة الراوي الثقة الامين المتقي و العالم فأن الله يعرف مثل هؤلاء الاشخاص لمن اراد ان يطلب مثلهم ثم بعد ذلك فأن جميع امور الدين من فروع الدين التي لا بد و ان نتعلمها من رواة الاخبار و نعتقد و نعمل بها .
قال : و لهذا الهدف شرعت في التحقيق و بالفعل فأن لي دراسة في الشيخية و قرات للآن ثلاثة كتب ردا عليهم معرفين لهم بأنهم عملاء الاستعمار و لايمكنني قبول ذلك اي قبول نظريات الكتاب البتة .
اقول هذا روية العاقل فأنه يحقق في كل امر و لايقبل شيئا بلا دليل و لايرد شيئا بلا دليل بصرف السماع من غيره و لذلك مع انك قرأت ثلاثة كتب في رد الشيخية لم‌تقبل نظريات كتابها و لم‌تحكم لمحض الانتفاع فقط و تنتظر سماع ما يظهره الطرف المقابل فتحكم و هذه روية حسنة جدا اتخذتها لنفسك اما الشيخية التي ذكرتها فهي ليست مذهبا خاصا و هي بعينها مذهب الشيعة الاثني‌عشرية و هذا الاسم وضعه غيرهم و قيل لنا شيخية لاننا كنا من مقلدي المرحوم المبرور العالم الكبير المرحوم الشيخ احمد الاحسائي اعلي الله مقامه و نحن لسنا غير راضين من نسبتنا الي ولي من أولياء محمد و ال محمد عليهم السلام و كل فخرنا بمحبتهم
صفحه ١٨

 و كوننا عبيدا لهم و ان كانت لنا ميزة بالنسبة الي غيرنا فهي هذه الميزة فأن علماءنا صرفوا همتهم في ذكر مقامات ال محمد عليهم السلام و فضائلهم اكثر من غيرهم و اما الكتب التي قراتها في رد الشيخية فأني لاأعلم اي كتب قرأت و لاأعرف كتابها و لكن يمكنني ان اذكر بأن هذا القبيل من المتكلمين و الكتاب من اي طبقة هم و لأجل ان تتوصل الي اصل المطلب فأني اذكر مقدمة لتكون علي بصيرة و هي ان مقتضي حكمة الله و عدالته ان يهدي خلقه علي لسان انبيائه و حججه و لكنه جعلهم مختارين في رد مطالبهم او قبولها و لم‌يسلب منهم الاختيار حتي يقبل الهداية كل من طلب الهداية باختياره و يختار الضلالة كل من طلب الضلالة باختياره و ان سمعت ان بعض الانبياء كموسي علي نبينا و اله و عليه السلام او نبينا صلي الله عليه و اله حاربوا فذلك لأنجاز المرحلة الاولي حتي يوصلوا الكلام الحق الي الآذان و اذا انجز الغرض تركوا الناس باختيارهم لانهم كانوا يريدون اعتقاد القلب الذي يكون بالرغبة و الرضا لا التسليم الظاهري مع الاكراه القلبي و شاهد هذا المطلب قول الله حيث يقول ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) و لهذا الغرض اوصي النبي صلي الله عليه و آله أميرالمؤمنين بأن يجلس في بيته و أن لايجرد السيف و قال : علي بمنزلة الكعبة يؤتي و لايأتي ، و لهذا الغرض كان يداري المنافقين في حياته و لايفضحهم حتي تحصل الاستفادة منهم لأصل المطلب و يقوي ظاهر الاسلام و ينتشر صوت الاسلام في جميع انحاء العالم و يصل الي جميع آذان الناس و لايسلب الاختيار منهم حتي
صفحه ١٩

 يمكن لأهل الباطل إظهار باطلهم تحت ظل الاسلام فتتم حجة الله عليهم و تظهر عدالته فيهم و الاشارة الي ذلك بقوله ( كلا نمد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربك و ماكان عطاء ربك محظورا ) و لهذا الغرض اعطي الله المهلة الي الشيطان فيكون حاضرا و كل من اراد ان يكون محلا لاغوائه فليكن و لو كان الله يريد غير ذلك لأهلك الشيطان من أول الامر او النبي يبعد المنافقين عنه و لايدعهم ان يحاربوا الاسلام باسم الاسلام و ليس كما يقوله السنة من ان جميع اصحاب النبي كانوا صالحين فأن الكثير منهم بل اكثرهم كانوا منافقين و الله اخبر عنهم في سورة المنافقين حيث يقول لنبيه ( إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله و الله يعلم انك لرسوله و الله يشهد ان المنافقين لكاذبون اتخذوا ايمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله انهم ساء ما كانوا يعملون ) . و اصل معني المنافق هو ان يظهر الشخص امرا بنية سيئة علي خلاف اعتقاده القلبي و كانوا موجودين بين المسلمين و اهل الحق دائما و لايزالون و هم الرتل الخامس للشيطان فأنهم يثلمون من الداخل في مذهب الحق كما رأينا كيف ان المنافقين في زمان النبي اظهروا نياتهم الباطنية بعده و غصبوا حق اهل الحق و أوغلوا في اذيتهم فلا كل من اظهر الايمان بمؤمن قلبا و قد يظهر الشخص الايمان نفاقا و هو في قلبه عدو آل محمد عليهم السلام و لا دليل لنا علي عدم وجود امثال هؤلاء المنافقين بين الشيعة بل جميع الروايات شاهدة علي وجودهم سابقا و لاحقا و كانوا في زمن كل امام من الائمة عليهم السلام يظهرون المحبة و الاخلاص و ينكرون الامام
صفحه ٢٠

 من بعده و في الحديث عن عمر بن يزيد قال دخلت علي الصادق عليه السلام فحدثني مدة طويلة في فضائل الشيعة فقال من الشيعة بعدنا اشد من النصاب فقلت جعلت فداك اليس انهم يدعون محبتكم و يتبرؤن من اعدائكم فقال بلي فقلت جعلت فداك بينهم لنا حتي نعرفهم قال جماعة يفتنون بزيد و يفتنون بموسي اقول مراد الامام عليه السلام ظاهرا الزيدية الذين يقولون بأمامة زيد و قد يكون مراده من الذين يفتنون بموسي الفطحية الذين قالوا بعد الصادق عليه السلام بأمامة ولده عبدالله الافطح و لم‌يؤمنوا بأمامة موسي بن جعفر عليهما السلام و روي عن الصادق عليه السلام ان الناس فينا صاروا ثلاث فرق فرقة احبونا من اجل انتظار قائمنا لينالوا شيئا من دنيانا فقالوا و حفظوا حديثنا و قصروا في عملنا فيسوقهم الله الي جهنم و فرقة احبونا و سمعوا حديثنا و لم‌يقصروا في عملنا من اجل انهم ينتفعون من الناس باسمنا و يتأكلون بنا فيملأ الله بطونهم نارا و يسلط عليهم الجوع و العطش و فرقة احبونا و حفظوا حديثنا و اطاعوا امرنا و لم‌يخالفوا فعلنا فهؤلاء منا و نحن منهم . و عنه في بيان انواع الرواة عنهم و علماء السوء الي ان قال و منهم قوم نصاب لايقدرون علي القدح فينا فيتعلمون بعض علومنا الصحيحة فيتوجهون به عند شيعتنا و ينتقصون عند نصابنا فيضعفون عليه اضعافه و اضعاف اضعافه من الاكاذيب علينا التي نحن براء منها فيتقبله المستسلمون من شيعتنا علي انه من علومنا فضلوا و أضلوا و هؤلاء اضر علي شيعتنا من جيش يزيد علي الحسين بن علي عليهما السلام و اصحابه
صفحه ٢١

 فأنهم يسلبونهم الأرواح و الاموال و للمسلوبين عند الله افضل الأحوال و لكن اولئك العلماء السوء الناصبين المشبهين بانهم لنا محبون و لأعدائنا معادون يدخلون الشك و الشبهة علي ضعفاء شيعتنا فيضلونهم و يمنعونهم عن قصد الحق المصيب . لا جرم ان من علم الله من قلبه انه لا بغية له الا دينه و تعظيم وليه فلايدعه في ايدي هؤلاء الملبسين الكافرين و لكن يرسل اليه مؤمنا يدله علي الصواب فيوفقه الله لان يقبل منه فيجمع له بذلك خير الدنيا و الآخرة و يجمع لمن ضله لعن الدنيا و الآخرة و قصدي من ذكر هذا الحديث ان تعلم انه يوجد بين من سموا باسم الشيعة انواع من هؤلاء المنافقين و باسم الشيعة يردون علي شيعة ال محمد عليهم السلام و لا بد ان لايغش الانسان بظاهر دعواهم و كما في اخر هذا الحديث الاخير الشريف ان من علم الله في قلبه انه لا بغية له الا حفظ دينه و تعظيم وليه لايدعه ان يغش بهم و يهديه علي ايدي المؤمنين و يمنحه توفيق الهداية و ذلك ما ذكرته سابقا ان الاعتماد علي تأييد الله و تسديده و لا بد و ان يسأل منه ان يهدينا و يهدي علي حسب ما أوعد البتة و ان شاء الله ارسل لك كتبا كتبها مشايخنا اعلي الله مقامهم في جواب ايراد الموردين علي هذه السلسلة فطالعها بلا تحيز و الله سبحانه يوضح لك الحق ان شاء الله و لما لم‌تذكر اسماء تلك الكتب التي وصلت اليك و لااعلم الايرادات التي اوردوا في تلك الكتب فلايمكنني الاجابة عليها الآن و لكن جميع الايرادات نوعا ايرادات معينة ياخذها اللاحقون من السابقين يذكرونها و يكتبونها ففي تلك
صفحه ٢٢

 الكتب التي ارسلها توجد اجوبتها عادة ان شاء الله الا الايراد الاخير الذي اخترع حديثا و اشرت انت اليه حيث دعوهم بانهم عملاء الاستعمار و هذا جعل الخالصي لارحمه الله ذكره في كتاب من كتبه و هو قد صرح فيه انه ليس له دليل تاريخي و مع هذا التصريح فان الكتاب العديمي الانصاف يقبلون منه هذا الافتراء و يروونه و رايت في كتاب باسم مزدوران استعمار در لباس مذهب ( اجراء الاستعمار في لباس المذهب ) هذا المطلب بتشدق و قعقعة و كان اقوي ادلته افتراء الخالصي الذي كان بنفسه من اعداء ال محمد عليهم السلام و المنكرين لفضائلهم حتي انه منع الشهادة بولاية اميرالمؤمنين عليه السلام في الاذان و لكن لما ان الله يفضح الكذاب فأنه ذكر في كتابه اثناء تهمته لمشايخ هذه السلسلة بالجاسوسية ان المرحوم المبرور السيد كاظم الرشتي اعلي الله مقامه من اهل ولادي‌وستك و كان جاسوسا للروس و انا راجعت كتاب دايرة المعارف الانجليزية فوجدت ان بناء مدينة ولادي‌وستك كان بعد وفاة السيد المرحوم اعلي الله مقامه بعشرين سنة و قس جميع التهم علي ذلك و ماادري بزعم هؤلاء المفترين اي شئ جعل الروس و الانجليز يستخدمون علماء و يرسلونهم الي ايران فيؤلفون و يصنفون تسعمائة و خمسين كتابا في العلوم المختلفة من الحكمة الالهية و الفقه و الاصول و الرياضيات و الطبيعيات و الكيمياء و الفيزياء و يكون فكرهم و ذكرهم في ترويج دين الاسلام و بيان فضائل محمد و ال محمد عليهم السلام و تكون دعوتهم الي الاخوة و المحبة بين المسلمين و لايتدخلون في جهاز الحكومة
صفحه ٢٣

 و لايرفعون قدما و لايسخرون قلما لنفع الاجانب بل كتبوا ضدهم كما صنف جدي الامجد العلامة المرحوم الحاج محمدكريم خان اعلي الله مقامه عند ما جاء الانجليز في وقت من الاوقات بسفن حربية الي بندر بوشهر و انزلوا جيشا صنف كتابا مفصلا باسم الناصرية بطلب من ناصرالدين شاه في الجهاد مع اعداء الدين و اطلع الناس علي عواقب تسلط الاجانب علي ايران و صنف كتبا في الرد علي اساقفة المسيحيين الذين صرفوا همتهم في نشر الدين المسيحي في ايران بقصد توسعة نفوذ دول متبوعيهم فهذا القبيل من الجواسيس المفروضين اي نفع بهم لحكومة الروس و الانجليز و كل عاقل منصف يقرأ كتاب مزدوران استعمار يفهم ان كلما كتب فهو ترهات و كذب و محرك الكاتب العداوة الباطنية و جلب المنفعة من طريق بيع الكتاب و قد كتبت جوابا علي هذا الكتاب قبل ايام بالتماس بعض الاخوان و اذا شاء الله و طبعناه فمن الممكن ان يصل اليك .
قال : هل يمكنكم حتما ان تعطوني كتابا ذكر فيه الحقيقة و اعتقد ان الشيخية حق .
اقول عقائد الشيخية كما ذكرت سابقا ليست الا عقائد الشيعة الاثني‌عشرية و الايرادات التي اوردت علينا قسم منها تهمة و افتراء و لايمكنهم ان يحصلوا علي دليل يدل علي صحة افترائهم من احد كتب مشائخنا اعلي الله مقامهم و لكن القسم الاخر منها امور هي محل الاختلاف و اهمها اربعة مسائل ( احدها ) مسألة المعاد فأنهم افتروا علينا بأنا قلنا بالمعاد الروحاني لا بالجسماني و ان مشائخنا لم‌يقولوا بمثل هذا
صفحه ٢٤

 و الله شاهد علي ما نقول و كونه جسمانيا من ضروريات دين الاسلام و مشايخنا لاينكرون ضروريا من ضروريات الاسلام ابدا نعم انهم قد بينوا في تحقيقاتهم العلمية ان الجسد العنصري لايعود و الذي يعود به الانسان هو الجسم الاصلي و بعض العلماء كالمرحوم المجلسي و الخواجه نصير الطوسي كانا علي هذه العقيدة و مشايخنا اوردوا ادلة كثيرة عقلية و نقلية لذلك و اصل كيفية المعاد ليست من الضروريات الا هذا الاجمال و هو كون المعاد جسمانيا حتي يكون كل من قال بغير متفاهم العوام خارجا عن الدين و كيفيات المعاد من المسائل النظرية و علماء الشيعة فيها علي اربعة‌عشر قولا و كل واحد له نظر و مشايخنا ايضا بينوا نظرهم .
( و الاخري ) مسألة فضايل محمد و ال محمد عليهم السلام فأن مشايخنا اعلي الله مقامهم صرفوا الهمة في نشرها و بيانها اكثر من غيرهم و مع هذا فأن ما ذكروه من الفضائل اقل مما رواه العامة في كتبهم و ماادري ما الذي يجعل بعض المدعين للتشيع ينكرونها و يعادون الذين يذكرونها الا و ان نقول بأن المنكرين لها كما قال الامام هم اعداء تلبسوا بلباس الاولياء او انهم لجهلهم انخدعوا بخدع اولئك الاعداء ( و الثالثة ) مسألة العمل بالمظنة فأن جمعا من الفقهاء قالوا لايحصل لنا اليوم العلم بأقوال الائمة عليهم السلام و يحصل لنا الظن فقط و نحن المجتهدون بأي شيء حصل لنا الظن فهو حكم الله فينا و في مقلدينا و المقلدون لا بد و ان يعملوا بظننا بدون جدال و هذا المعني ينكره الشيخية و يقولون ان باب العلم ليس بمسدود و يحصل العلم بأقوال الائمة
صفحه ٢٥

 عليهم السلام و العمل بالمظنة حرام بسبعين اية من الكتاب و اكثر من الف حديث و لايجوز العمل بها و صنفوا في ذلك كتبا استدلالية مفصلة و انا ارسل لك كتابين احدهما ارشاد العوام تصنيف المرحوم الحاج محمدكريم خان الكرماني و هو مشتمل علي جميع عقائد الشيخية في التوحيد و النبوة و الأمامة و معرفة الشيعة و علي مسألة المعاد بالتفصيل و الآخر كتاب الاجتهاد و التقليد تأليف والدي المرحوم فأنه اثبت فيه عدم جواز العمل بالمظنة بالتفصيل فاذا طالعت هذين الكتابين فلايبقي لك ان شاء الله شيء مبهم في عقايد الشيخية ( و الرابعة ) مسألة اصول الدين فأنهم اوقعوا الهرج و المرج بين العوام بلا فائدة و الحال انه لا خلاف هناك و لما لم‌يكن اصل مسألة اصول الدين بهذا الترتيب الذي يذكرونه موجودا في اخبار ال محمد عليهم السلام و كل واحد من العلماء علي حسب ذوقه جعل بعض المطالب الدينية من الاصول و الباقي فروعها بعضهم قال اصل الدين واحد و هو التوحيد و الباقي فروعه بعضهم عدها ثلاثة التوحيد و النبوة و الامامة بعضهم ايضا عدها خمسة التوحيد و العدل و النبوة و المعاد و الامامة فمشايخنا ايضا قالوا ان اركان الدين اربعة معرفة الله بجميع صفاته و معرفة النبي (ص) و الاقرار بجميع ما جاء به و معرفة الائمة و الاقرار بفضائلهم و معرفة الشيعة و موالاة اولياء ال محمد عليهم السلام و معاداة اعدائهم و لا خلاف بين قولهم و قول غيرهم و هذه الاركان الاربعة التي ذكروها تشمل تلك الخمسة لان العدل يعد في صفات الله و المعاد فيما جاء به النبي صلي الله عليه و اله و مسألة الولاية
صفحه ٢٦

 و البراءة التي نحن عددناها من اصول الدين بعض العلماء الاخرين عدها ايضا من اصول الدين و علي كل حال ان كان المقصود الاعتقاد بهذه المطالب فأن الطرفين معتقدان بالاصول الخمسة و الاركان الاربعة و اي اختلاف ؟ و ان كان الاختلاف في لفظ الاصول و الفروع فلم‌يرد تعريف في الاخبار لهاتين الكلمتين و من قال بخلاف ذلك فقد اخطأ و ان كان القصد من الاصول الاعتقاد بأمور تبعث علي الخروج من الدين لمن لم‌يعتقد بها فذلك يشمل الفروع ايضا و لا اختصاص له بالخمسة فمن انكر الصلوة او الحج او الزكوة او عادي اولياء ال محمد او والي اعداءهم فهو خارج من الدين ايضا و علي كل حال لا اختلاف في المعني و كلما عنونوه فهو للتهريج .
قال : و كذا ارجو من جنابكم ان تكتبوا نظرياتكم في ايران اليوم و دنيا القرن العشرين و الموضوع المتقدم بالنسبة لي مهم جدا .
اقول كل واحد ينظر امور الدنيا بعين و اذا اردت ان تنظر اليها بعيني فلا بد من ايراد مقدمات مختصرة قبل ذلك حتي تطلع علي طرز تفكري فأقول اني اري هؤلاء الناس الذين يمشون علي سطح هذه الارض ظاهرهم جسد جمادي كساير الجمادات و أحس من وراء اجسادهم هذه روحا موجودة مثل الروح الموجودة في النباتات و كل فعل اراه فيهم و نظيره في ساير النباتات موجود منشؤه الروح النباتي الموجود فيهم فمثلا اري في النباتات ان الغذاء الذي تجذبه من الارض تطبخه في اوراقها و تهضمه و بعض منه تخرجه عن طريق التبخير و غيره و تحتفظ بقسم منه و ترسله الي
صفحه ٢٧

 اغصانها و اوراقها فتنميها و بالنتيجة تكبرها و تزين نفسها بالاغصان و الاوراق و تجعل قسما من غذائها المختزن بصورة لقاح ذكر و انثي فيتلقح الذكر و الانثي مع بعضهما البعض فتحمل فاكهة و بذرا و بذلك تتناسل و تكون حينا في حال نشاط و يقظة و تكون حينا في حال كسل و سبات و في اخر عمرها يكون دفعها اكثر من جذبها فيتحلل ساقها و تصغر و تتلاشي فما نراه في بني آدم من هذا القبيل فمثلا يطلبون الغذاء و يشربون الماء فيهضمون ذلك في معدتهم صافيه يرسلونه الي الاعضاء فيبعث علي النمو و الرباء و فاضل ذلك يخرج عن طريق الكلية و الامعاء و العرق و يهيئون لهم من بعض جمادات العالم و نباتاته لباسا و يزينون انفسهم بها و يصنعون من صافي الاغذية في بدنهم نطفة و يجتمع رجالهم و نساؤهم و يتناسلون و آخر الامر حيث يمرضون او يهرمون يكون دفعهم اكثر فيضعفون ثم يموتون فما نراه من جميع ذلك كله هو من افعال تلك الروح النباتية الموجودة فيهم و الذين في جميع عمرهم مشغولون بهذه الامور اشجار اكمل من ساير الاشجار نوعا ما و لايوضع عليهم اسم غير اسم الشجر و اشعر ان من وراء هذه الروح النباتية الموجودة في بني آدم روحا اخري نظير الروح الموجودة في الحيوانات و كل ما اراه من فعل فيها و نظيره موجود في ساير الحيوانات فأن منشأه تلك الروح الحيوانية فمثلا اري الحيوانات تبصر و تسمع و تذوق و تشم و تلمس الاشياء و تقبل علي كل ما يوافق طبعها و تذهب اليه و تعرض عن كل ما يخالف طبعها و تهرب منه و تتعدي علي الجمادات و النباتات و الحيوانات الاخري فكلما رأت ماء لأي كان شربته
صفحه ٢٨

 و كلما رأت نباتا لأي كان اكلته و الحيوان الذكر اذا رأي اي انثي نزا عليها و الوحشية منها كلما رأت اضعف منها كسرته و افترسته و ان لم‌يسد طريقها مانع و لم‌يقف حيوان اقوي منها في مقابلها تنجز كل ما تطلبه طبيعتها و كل واحد يمشي علي حسب طبيعته فبعضها كالاسد شجاع و قوي يحارب و بعضها كالغزال جبان و ضعيف يهرب و بعضها مثل الثعلب حيال يعمل اعماله بالتدبير و بعضها كالغنم غبي غير مؤذ و يكون لقمة للاخر و كلما انظر في بني آدم نظير ذلك فهو من آثار الروح الحيوانية و اولئك الذين افعالهم في جميع عمرهم مثل هذه الافعال فأنهم حيوانات يتكلمون و لا فرق بينهم و بين ساير الحيوانات الا ان شعورهم و تدبيرهم اكثر و شعورهم سخروه في خدمة مطاليب جماديتهم و نباتيتهم و حيوانيتهم و جميع هذه الامنيات ينجزونها بصورة اكمل مثل كثير من الناس لايمتنعون من تناول اي غذاء كان فأن حصل ماء شربوه و ان وجد شراب احتسوه حصل غنم اكلوه وجد لحم خنزير ابتلعوه وجد حلال اكلوه حصل حرام ادخلوه اللهم الا اذا لم‌تتمكن اسنانهم منه لايعلمون حراما الا اذا لم‌تصل ايديهم اليه او ان صاحب المال يدفعهم عنه و الا ففي انفسهم لايمنعهم عنه مانع فأن قدروا علي تحصيل مال الغير بالسرقة فعلوا و ان كانوا اقوياء فبالغصب و ان تيسر لهم القمار فبالقمار او بالمكر و السحر فبالمكر و السحر و ان رأوا امرأة مالوا الي الاعتداء عليها بلا محاباة فان حصل بالرضا فبها و الا بالخديعة و ان لم‌يحصل لهم ذلك فبالقوة اللهم الا ان يخشوا ممن هو اقوي منهم و الا فانه ليس لهم مانع من ضمير نعم يوجد
صفحه ٢٩

 جماعة قليلة من بني آدم يري فيهم شئ فوق روح حيوانيتهم و نباتيتهم بسببه يحكمون علي هذه الارواح فمع انهم جياع لايطعمون الحرام و يأكلون الحلال بمقدار و مع انهم فقراء لايعتدون علي مال الغير و مع ان لديهم شهوة لايمدون ايديهم الي حرم غيرهم او امرأة اجنبية اذا راوا اضعف منهم مع انهم قادرون علي ظلمه و التصرف في ماله لايظلمونه و يمتنعون عن ذلك فيعلم من جميع ذلك انه يوجد فيهم شيء فوق الروح الحيوانية يمكنهم به ان يديروها و هو النفس الناطقة فأن لها شعورا و مدارك فوق الحيوانية فهي تتخيل و تفكر و تحصل العلم و لها شعور و لكن الذين لهم هذه النفس علي قسمين بعضهم اسلم نفسه بيد روح نباتيته و حيوانيته و جميع خياله و فكره و علمه و شعوره يصرفه في انجاز امنيات تلك الارواح و يقويها فيما هي فيه فيستعمل علمه في تحصيل انواع الاغذية لنباتيته او يستعمله في تحصيل الآلات و الادوات و الاسلحة لاعتداءات حيوانيته و ظلمها حتي يسعها ان تظلم الضعيف اكثر و تستأصل شأفته اكثر او بقوة النطق و البيان تخدع اكثر الاغبياء او بالتدابير العلمية و الاقتصادية تنهب اكثر الناس و تترأس عليهم و تتحكم فيهم فلو انها منعت طبع حيوانيتها احيانا فقصدها حيوان اخر تهواه اكثر فمثلا تهوي الرياسة اكثر فالاعتداء علي مال الضعفاء يمكن ان يكون سببا لزوال رياستها فهي لاتفعله بل علي خلاف طبعها تحسن اليهم حتي تصل الي مقصدها الاصلي و هو الرياسة او انها تصرف نفسها عن المال القليل حتي تخدع طرفها المقابل جيدا ثم تاخذ منه بعد ذلك مالا اكثر .

صفحه ٣٠

 و لكن يوجد قسم آخر من اصحاب هذه النفس الناطقة لايأخذون دستور عملهم من الاسفل يعني من روح حيوانيتهم و نباتيتهم بل يأخذونه من منبع خارجي و يجعلون فكرهم و علمهم و شعورهم و قوي حيوانيتهم و نباتيتهم في اجراء تعليمات ذلك المنبع الخارجي و لايعتنون بأعمالهم المنجزة انها توافق طبعهم الحيواني و النباتي و قصدي من المنبع الخارجي هو امثال الانبياء الذين ذكروا تعليمات باسم الدين و اولئك الاشخاص الذين يعملون بتعليماتهم هم الذين امنوا بهم و صاروا مؤمنين هذه مطالب لو دققت انت فيها ايضا لرأيت الامر علي هذه الكيفية فلتكن هذه المقدمة لديك حتي اكتب لك مقدمة اخري و هي انما يعلم من فحص علماء طبقات الارض و علماء الاثار و التاريخ القديم انه لم‌يكن علي وجه الارض سنين طويلة الا الجمادات ثم تولدت النباتات الصغيرة الدانية بعد تلك السنين المتطاولة ثم وجدت نباتات اكمل شيئا فشيئا و الي مدة مديدة لم‌يكن من الاحياء موجود علي وجه الارض الا النباتات و كل نبات ايضا بلغ الي حد الكمال بعد التناسل المتوالي صار في طريقه بعد طول التناسل الي النقصان ثم الي الانقراض و كثير من النباتات التي شوهدت فسائلها لايوجد الان مثلها علي وجه الارض و بعضها بقي و لايزال في ازدياد و بعضها اتم دورة كماله و هو في طريقه الي الانقراض كشجر الارز اللبناني بالجملة كان الامر مدة من الزمان علي هذا المنوال الي ان تولدت الحيوانات الدانية كالحشرات ثم تولدت شيئا فشيئا حيوانات اكمل كالزواحف و الطيور و المفترسة و كل نوع منها بعد طول التناسل المتوالي
صفحه ٣١

 بلغ الي حد الكمال ثم صار بعد ذلك في طريقه الي النقصان و الانقراض و بعضها لايزال باقيا و بعضها لايزال في ازدياد و بعضها في طريقه الي الزوال فمثلا يقولون ان جنس الاسد في طريقه الي الانقراض و في وقت من الاوقات تولد بنو آدم و الذي يظهر من آثار ما قبل التاريخ انهم كانوا قليلي الشعور اولا ثم ازداد شعورهم بمضي الزمان بالتدريج اكثر و اول الامر اوجدوا لهم صنائع يدوية ثم عملوا علي اكمالها يوما فيوما و من الوقت الذي وجد التاريخ فيه عنهم الي يومنا هذا نري ان كل نسل اذكي من النسل الذي قبله و أعلم و نفوسهم تزداد يوما فيوما و لايزالون في ازدياد و في طريقهم الي الكمال و قياسا علي ساير المواليد يصلون الي اوج الكمال و كثرة النفوس في وقت من الاوقات و في يوم من الايام ينقرضون الا ان يشاء الله غير ذلك و ان دققت النظر امكنك ان تشاهد جميع الادوار الماضية في مدة قصيرة مثلا اذا اردت ان تشاهد تكامل الشعور تري ذلك في طول عمر طفل صغير الي ان يكبر فأنه اولا عند ما يتولد يكون شعوره اقل من كثير من الحيوانات و هذا انموذج من شعور الانسان القديم ثم تراه انه في مدة ثلاثين او اربعين سنة يصل الي حد بحيث يستوعب اكثر العلوم المتقدمة للبشر في هذا اليوم و يتقدم في سنة بمقدار قرن من القرون الماضية فيمكنك ان تدرس تقدم البشر طوال التاريخ في مدة عمر قصير لواحد من الناس حتي انه لو كان لك بصر حديد اكثر لشاهدت اوضاع مدة تاريخ العالم فيه فمثلا تري انه في الابتداء نطفة تغلب عليه الجمادية ثم يكون بعد ذلك مثل النباتات فبجذبه
صفحه ٣٢

 للمواد الغذائية من طعام الام و هضمها و دفع الزائد ينمو يوما فيوما و ينبت له اللحم و العظم حتي ان في شهر الرابع من عمره تشتعل الشعلة المنطفئة للروح البخاري اللطيف المتولدة فيه تشتعل بنار حيوة الام و تتولد فيه الروح الحيوانية ثم بالتغذية تتقوي و تترقي نباتيته و حيوانيته الي ان يخرج من بطن امه و تظهر فيه اول اثار النفس الناطقة ثم ينمو و يترقي من كل جهة بتغذية الام اولا و الاغذية الاخري بعد ذلك و نباتيته في ترق دائما و ينمو و يعظم يوما فيوما الي ان يصل الي سن الخامسة و العشرين او السادسة و العشرين و يبلغ مراحل الكمال حوالي سن الاربعين او الخمسين ثم بعد ذلك يكون في طريقه الي الزوال تدريجيا الي ان يرحل عن الدنيا و اما حيوانيته فترعي في مرتع نباتيته فهي تترقي بازدياد العلف بمحاذات النباتية و بنقصانه تكون في طريقها الي الزوال و نفسه الناطقة في الابتداء ضعيفة جدا و لما كان غذاء النفس الناطقة ليس من جنس اغذية الحيوانات فاذا لم‌يصل غذاؤها المناسب لها تبقي ضعيفة و غذاؤها غذاء روحاني و هو التربية التي يربيها الاب و الام و الجماعة التي حوله بكلامهم له و هذا الكلام هو غذاء النفس الناطقة و ان تربي طفل مثلا بين الحيوانات فلايحصل له ترق نفساني كما رؤي ذلك احيانا و يكون وحشيا كالحيوانات و علي العكس من ذلك لو تربي في حضن الاب و الام لاثرت تعليماتهما فيه يوما فيوما فزاد شعوره و كلما كان الاب و الام و الجماعة الذين حوله شعورهم اكثر ترقي شعوره اكثر بسرعة عظيمة لانه يصل اليه غذاء كاف فمثلا الطفل الذي تربي في مدينة
صفحه ٣٣

 كبيرة يكون شعوره اعظم من الطفل الذي تربي في الجبال و عند الناس السذج و الطفل الذي تربي في بيت علم و شعور يكون شعوره اعظم من الطفل الذي تربي في بيت جهل و علي كل حال الطفل يحصل علي الشعور ببطء او بسرعة و يخرج من البلادة الحيوانية و عدم فهمها و تتقوي نفسه الناطقة و يكون لسان فهم و يؤثر الكلام فيه و في اول الامر اذا لم‌يكن شعوره كثيرا فليس له استقلال في الرأي و كلما يقال له يطيع و لكن اذا ازداد شعوره شيئا فشيئا صار له استقلال في الرأي اكثر الا ان شعوره يستعمله في انجاز رغباته الحيوانية و النباتية و اللهو و اللعب و لما حصل علي استقلال في الرأي شرع بالانحراف عن اوامر الاب و الام و عدم سماع ما يريدانه له من خير و يظن ان شعوره اكثر من شعورهم و يستهزئ بهم في قلبه او لسانه و تصل هذه الحالة به الي اوج شدتها في سن البلوغ و لكن اذا وصل الي حد البلوغ و فوق ذلك شيئا فشيئا ازداد شعوره اكثر و فهم ان كلام الاب و الام له معني فيبدأ باطاعتهما و يحصل علي العقل الي ان يكمل شعوره في سن الاربعين او الخمسين و ان كان من اولئك الذين التفاتهم الي الحيوانية و النباتية و ينظر بعينهما و يسمع باذنهما و انغمس فيهما و ياخذ الاوامر منهما فاذا ضعفت الحيوانية و النباتية بالتدريج و سارت في طريق الزوال فهذا الشعور ايضا يسير الي الزوال و يصير اقل شعورا و اكثر خرفا يوما فيوما الي ان يموت فيموت هذا الشعور ايضا و ينتهي امره و لكن اذا كان من اولئك الذين ياخذون تعليماتهم من الخارج و كان التفاتهم الي الخارج فما دام المعطي
صفحه ٣٤

 للتعاليم موجودا و هو يطيعه فهذا الشعور ايضا يكون باقيا لانه جعل نفسه منفصلا عن الحيوانية و النباتية و الجمادية و ربط نفسه بمكان اخر مثل زجاجة وضعت علي طاولة فان جميع اتكائها علي الطاولة فلو كسرت الطاولة لسقطت الزجاجة و كسرت و لكن لو ربطت الزجاجة بحبل في السقف فان كسرت الطاولة فلاتقع الزجاجة علي الارض و لاتنكسر لانها مربوطة بمكان اخر بالجملة مجال الكلام واسع و قصدي انه يمكن رؤية ادوار تاريخ حياة البشر في مرآة ادوار حياة شخص من الاشخاص و من هذا المعلوم يتوصل الي المجهول فلنرجع الي الكلام الذي كنا فيه و نتصفح التاريخ و في اثناء هذا التصفح نعثر احيانا علي اشخاص ظهروا بين البشر اعتقدوا بانهم فوق ساير البشر و ادعوا بان فيهم روحا اعلي من الارواح الموجودة في ساير البشر يعني كما ان في الحيوانات روحا ليست في النباتات و يمكنها ان تفعل افعالا لاتقدر النباتات علي فعلها و تعجز عنها كالبصر و السمع و الذوق و غيرها و في بني ادم روح ليست في الحيوانات و يمكنها ان تفعل افعالا لاتقدر الحيوانات علي فعلها و تعجز عنها مثل التفكر و التخيل و تعلم العلم و الاختراع و غير ذلك كذلك اولئك الاشخاص ادعوا ان فيهم روحا فوق ساير الارواح ليست موجودة في ساير بني ادم و يمكنهم ان يفعلوا افعالا لايقدر بنو ادم عليها و يعجزون عنها و كما روي بالتواتر انموذج من تلك الافعال و المعجزات التي فعلوها و عجز الاخرون عنها مثل احياء الاموات و الاخبار عن الامور الغيبية و الخفية تسخيرهم الجمادات و الحيوانات و التصرف الكثير في
صفحه ٣٥

 الارض و السماء بحيث لم‌يقدر احد من الناس علي فعلها و صدقوا كلامهم نحن ايضا لما لم‌يكن لنا دليل علي كونها كذبا نصدقها لان الانكار يحتاج الي دليل ايضا و اي مانع من ذلك فكما ان لنا مشاعر و ادراكا و تصرفات فوق مشاعر الحيوانات كذلك يوجد جماعة لهم ادراك و مشاعر فوقنا و ليس لنا دليل علي عدم وجود مثل هؤلاء الاشخاص و لكن لنا دليل علي وجودهم و هو تلك الروايات التي يروونها و قرائن صحتها موجودة بالجملة اولئك الاشخاص ظهر كل واحد منهم في زمان و قالوا بلسان واحد يا بني ادم انتم غافلون و حدود العالم ليست منحصرة بجدران الاجسام الاربعة هذه و من وراء هذه الاجسام و الابعاد الثلاثة و هذا المكان و الزمان المحسوسين لكم عوالم مخفية عليكم و كما ان النباتات لما كانت ليس لها ابصار لاتري المبصرات و هي غافلة عنها و انتم لكم ابصار فترونها كذلك نحن لنا مشاعر ليست لكم و فينا روح ليست فيكم و بقوة هذه الروح ندرك عوالم الغيب و لنا القدرة علي كثير من الامور التي لاتقدرون انتم عليها ، كثير من الامور المخفية عليكم ظاهرة لنا و هذا الملك الذي ترونه بهذه العظمة و تلك العوالم الغيبية التي نحن نراها لها خالق عظيم هو الذي اوجد جميع هذه الامور و هو الذي اوجدنا و اوجدكم و اوجد جميع هذه العوالم من العدم الي الوجود ادراك ذاته لنا و لكم محال و ممتنع غير اننا اعلم منكم و مرآة قلبنا اصفي و قد اوحي الي قلبنا بانه خالق جميع العوالم و لا اله غيره و قد اخبرنا و امرنا بان نخبركم بانه لا اله غيره و اوجد هذا المعمل العظيم لان تكون محصولاته
صفحه ٣٦

 موجودات لها شعور لتعرف عظمته و قدرته و صفاته و تعبده و جعلت جميع اوضاع هذه العوالم في الاصل لتربية امثال هذه الموجودات الا انه اثناء حصول هذه المقدمات وجدت بالعرض محصولات اخري و لنقصانها السابق و اللاحق لم‌تصل لحد الكمال و بقيت ناقصة و صارت عاقبتها الابعاد و هذه المعادن و النباتات و الحيوانات علي حسب تفاوت درجات قابليتها محصولات ناقصة و كل واحدة منها لم‌تترق اكثر من درجة واحدة و الله تعالي يبيدها و يفنيها و يعيدها الي التراب و انتم بنو ادم من المحصولات التي هي اعلي من الطبقات الثلاثة و لكم قابلية الترقي الي الاعلي و عدم البقاء في منتصف الطريق و يسعكم التقرب الي الانسانية الكاملة التي نحن انموذجها الكامل و علة تخلفكم هو انكم صيرتم انفسكم اسراء لجماديتكم و نباتيتكم و حيوانيتكم الي حد جعلتموها تشتبه بها و تتصورون انكم حيوان او نبات مثل الراكب الذي جعل نفسه تشتبه بمركبه فحصانه الذي يريد جتا فيتصور انه هو الذي يريد الجت حصانه الذي يميل بشهوته الي الفرس يتصور نفسه هي التي تميل بشهوتها الي الفرس و هو غافل عن انه شخص مستقل و لا دخل له بحصانه و غافل عن ان غذاءه غذاء اخر و محبته في شيء آخر و نتيجة لهذه الغفلة غفل عن طعامه و حوائجه و انهمك فقط بحصانه و لايستغرق مدة طويلة حتي يموت لانعدام الطعام فاذا كانت لكم امثال هذه المشاكل و الله الرحيم ارسلنا لنعلمكم و نذكركم بانكم لستم احصنكم و لا بد و ان تكونوا انسانا و تكونوا بصدد ما يقوي انسانيتكم و تكونوا مخلوقا مخلدا و مركبكم هذا يفني عاجلا او آجلا و يتلاشي و اذا
صفحه ٣٧

 اردتم ان تكونوا مخلوقا خالدا و منعما بالنعم الابدية فاطيعونا و اجعلوا قولنا و فعلنا و سلوكنا قدوة لكم فهذه الجمادية التي هي عندكم غير معتدلة نحن نعطيكم تعاليم بكيفية تنظيفها و تعديلها و غسلها و كيف تجنبونها ما يضرها و كلما يتصل بها مما يخرجها من الاعتدال و اعتدال جماديتكم يبعث علي ان روح نباتيتكم المتولدة من صوافي جماديتكم تكون روحا نباتية معتدلة و نحن نعطيكم تعاليم باستعمال اي طعام و اي شراب ليكون طعام النباتية معتدلا و الامتناع من اي طعام يبعث علي انحرافها و اذا اعتدلت نباتيتكم اعتدلت روح حيوانيتكم و نفس ناطقتكم الراكبة علي روح حيوانيتكم يكون مركبها مذللا و يزول طغيانه و يذهب الي اي مكان اردتم لا الي اي مكان اراد و التفتوا الينا دائما لتقوية نفسكم الناطقة و اجعلوا اخلاقنا الباطنية قدوة لاخلاق نفسكم الناطقة الباطنية و اجعلوها متصفة بصفاتنا و علامة توفيقكم بذلك تحصيلكم محبتنا لان المحبة تتولد بين شيئين علي صفة واحدة و من جنس واحد و اذا توجهتم الي الحيوانية دائما و جعلتم انفسكم متصفة بها و كان هدفكم و ميلكم ميول الحيوانية و اهدافها فلاتكون لكم شباهة بنا و لاتتولد فيكم محبتنا و لكن اذا جعلتم انفسكم متصفة بصفاتنا كانت لكم شباهة بنا و تولدت في قلبكم محبتنا و صرتم دائما متوجهين الينا و نحن مثل السراج الذي وقع نور الله من الغيب في قلبنا و ذلك النور يتشعشع من وجودنا دائما و اذا توجهتم الينا دائما فان نور الله يقع في قلوبكم فينيرها و يجعلها متصفة بصفات محبوبة لله مثل صفاتنا و اذا استقمتم
صفحه ٣٨

 علي هذا الفعل و داومتم عليه اشتعلتم بنور الله و هذا النور هو روح الانسانية و هذه النفس الناطقة التي عندكم مثل البدن الذي لا روح له كزيت غير مشتعل و ان توجهتم الينا فالنار التي فينا تسخن زيت نفسكم الناطقة و تبخرها الي ان تشتعلوا دفعة واحدة و سترون انه صارت لكم روح و حييتم بحيوة جديدة و صارت لكم مشاعر و مدارك فوق ما هو موجود عندكم فلاتحتاجون بعدها الي تحصيل علم عميانا و تحصلون علي عين تبصر من غير تعلم فما يتعلمه العميان من علم الالوان مدة سنين طويلة و بالنتيجة لايعلمون معني الالوان و يتكلمون بالفاظ ليس عندهم معناها فانتم بنظرة واحدة بتلك العين ترون جميعها في آن واحد بسبب تلك الروح التي هي نور الله فان جميع القدرات منها و تحصلون علي قدرة بها تقولون لاي شئ كن يكون و لاتحتاجون الي الات و ادوات و اذا اطعتمونا تكونون موجودا كاملا و منفصلا عن هذه المراتب النباتية و الحيوانية فلو ماتت لبقيتم بابقاء الله الي الابد و تنعمتم بانواع النعم التي لايمكنكم الان تصورها و صرتم قادرين بقدرة الله علي كل شيء و كل ما تريدون يكون لكم بالجملة تعاليم الانبياء هذه هي شرايعهم التي بعضها لاصلاح الجمادية و بعضها لاصلاح النباتية و بعضها لاصلاح الحيوانية و بعضها لاصلاح تلك النفس الناطقة و بضمن جميع ذلك تندرج تعاليم لرفع المشكلات الناشئة من الاجتماعات و لو تصفحنا التأريخ لراينا ان كل نبي من هؤلاء الانبياء الذين جاؤا و اتوا بشريعة و آمن جماعة بهم صار عملهم بتعاليمهم باعثا لترقيهم و تقدمهم حتي انهم حصلوا علي قفزة في الفكر
صفحه ٣٩

 و ترقي ذكاؤهم و حصلوا علي تمدن اعلي فمثلا قوم بني اسرائيل مع تلك الذلة و قلة الشعور حصلوا علي اي ترقيات و تقدم بسبب تعاليم موسي و حصلوا علي سلطانات عظيمة حتي ان اولئك الذين لم‌يكونوا في الظاهر يهودا فبسبب معاشرتهم لهم ترقي سطح فكرهم و تعقلهم و قبلوا كثيرا من الاصول التي جاء بها الانبياء من غير ان يفهموا بان ذلك من اين القي اليهم فان لم‌نعتمد علي تواريخ القدماء و اليهود فان تاريخ الاسلام نصب اعيننا فالبدو الرحل الوحشيون الجاهلون الذين طعامهم الضب و من غاية جهلهم كانوا يئدون بناتهم و ماكانوا يعرفون الا القتل و الغارة و الفرس و السيف بسبب تعاليم النبي صلي الله عليه و اله بلغوا الي درجة بحيث اقعدوا الدول العظيمة كايران و الروم و تعلموا اي علوم و تقدموا اي تقدم و في الحروب الصليبية حيث تعرف الافرنج علي علوم الاسلام اكثر فبسبب ذلك حصلوا علي اية ترقيات عظيمة حتي ان كل ما هو موجود الان هو تابع لتلك العلوم و نتيجة لتلك المقدمات و اريد من جميع ذلك ان استنتج نتيجة و هي ان هؤلاء الانبياء هم الذين كانوا العلة في ترقي فكر البشر و تعليماتهم التي كانت غذاءً لنفسهم الناطقة و عملوا علي تقويتها حتي وصل الناس الي هذه الدرجة و كما نري الاب بالنسبة الي ولده في مراحل تربيته المختلفة ما الذي يقدمه له من تعليمات فمثلا في سني الطفولة ينهمك غالبا بالنظافة و الطهارة و آداب الشرب و النوم و اليقظة و هذا القبيل من امور الطفل و يسعي الي ان يعلمه هذه الامور فاذا ترعرع شيئا فشيئا و اوجد له الفكر يحضه علي تعلم القراءة
صفحه ٤٠

 و الكتابة و لايتقيد بان يفهم جميع معانيها حتي اذا ما ترعرع اكثر شيئا فشيئا علمه اخلاق المعاشرة و آدابها و امثال ذلك و كلما حصل علي شعور اكثر علمه علوما اعلي فكذلك نوع البشر ايضا في ادوارهم التأريخية فان في كل دورة شعورهم كشعور سن من سني اطفالنا لذلك فان تعليمات الانبياء ايضا في كل دور تتناسب مع شعور اهل ذلك الدور و ما ان يترقي الشعور اكثر فان الله يرسل نبيا اخر بشريعة اعلي اليهم فيهديهم و الناس الذين يتبعون و يعتقدون دينه لايتبعه جميعهم عن فهم و تعقل بل يتبعه اكثرهم عن ضعف نفس و عدم استقلال فكر كالطفل الذي له ست سنين او سبع سنين اذا سمع كلام الاب و اطاعه فانه لايطيعه لفهمه حسن كلام ابيه بل يطيعه لانجماد فكره فاذا جعلوه علي شكل بقي علي ذلك الشكل كالشمع الذي يصنع علي اي شكل فانه يبقي علي ذلك الشكل و لكن اذا حملوه تدريجيا الي محيط حار صار ناعما و لينا و يفقد شكله تدريجيا حتي اذا صار المحيط ساخنا كثيرا و ذاب الشمع تماما صار مائعا و ذهبت جميع الاشكال التي صنعتها له و قام علي شكل الاناء الذي وضع فيه فان كان الاناء مربعا صار مربعا و ان كان مدورا صار مدورا مثل ذلك الطفل بعينه اثناء جموده الفكري حيث تعلم تعاليم ابيه و بقي علي ذلك الشكل و لكن اذا خرج شعوره عن الجمود بالتدريج القي جميع تلك الاشكال من يده و نسي جميع تلك التعاليم و لما استقر شمع نفسه الناطقة في اناء الجمادية و النباتية و الحيوانية فاذا القي ذلك الشكل الذي اتخذه من تعليمات ابيه بسبب الذوبان الفكري ظهر بشكل انائه الحيواني و النباتي
صفحه ٤١

 و مع ان اصل شعوره خرج من الانجماد و صار سائلا لكنه ظهر بشكل مرادات الحيوانية و النباتية و تحصل هذه الحالة في الطفل في السنين القريبة من البلوغ كما تري ان جميع التربيات السابقة و الاشكال التي تشكلت نفسه بها كلها يلقيها من يده و يظهر بصورة ميول الحيوانية و النباتية فيكون سئ الادب و لايصغي الي احد و لايجعل لكلام الاب و الام وقعا في نفسه و يتصور نفسه اعلم منهما و الابوان و ان لم‌يكونا راضيين من وضعه و هما غير راضيين جدا و لكنهما يرجوان ظهور العقل فيه فيترك جميع هذه الافعال جانبا و عصيانه هذا ارجي لهما من طاعاته السابقة لان هذا العصيان من الشعور و تلك الطاعات الصبيانية من قلة الشعور و ضعف النفس و هما يرجوان ان نفسه الناطقة في القريب العاجل تشتعل بنار عقله و يكون عقله هو الآمر دفعة واحدة فيترك الاعمال السيئة جانبا فيكون شخصا عاقلا كالشمع الذي مثلنا به و ان كان غرضنا اشتعاله بالشعلة فلانحزن لكونه اولا باردا و منجمدا و يكون بكل شكل نريده و اذا شرع بالذوبان القي جميع الاشكال التي وضعناها عليه و يتجه الي الاسفل و يدخل في جميع الزوايا و اعماق الانية التي هو فيها و يتشكل بشكلها لاننا نعلم ان في آخر هذا الذوبان و ارتفاع الحرارة يتبخر و يشتعل دفعة واحدة و تظهر فيه النار الغيبية التي كانت كامنة فيه فيكون هو الآمر و الحكم حكمه و جميع هذا الشمع يصعد الي الاعلي بحكم النار و يميل الي الصعود بدل النزول و يريد ان يكون بخارا و يشتعل بالنار و يصعد الي الاعلي فالبشر الذين كانوا يمكنون انفسهم اكثر من تعاليم
صفحه ٤٢

 الانبياء سابقا فمن باب جمود شعورهم بأي شكل يشكلونهم يبقون علي ذلك الشكل و يعتادون بما يعودونهم و لكن لما تسخن شمع شعورهم شيئا فشيئا و نعم و اتجه الي الذوبان زالت تلك العادات و الاشكال و القوا تلك العادات من ايديهم و لثقل شعورهم الطبيعي يتجه الي الاسفل و يحتل له مكانا في اناء الطبيعة الحيوانية و النباتية و يظهر بشكل ذلك الاناء يعني يظهر بميول و مرادات الحيوانية و النباتية و يقويهما بجميع قواه و لكن يوجد امل للعاقل الخبير و هو ان هذا الشعور المذاب الذي خرج عن حالة الانجماد لاتطول مدته كثيرا حتي يتبخر و يهيأ للاشتعال بنار العقل فبمجرد ما ان يظهر سراج يشتعل بنار العقل يشتعل هذا الشعور بتلك النار و يكون العقل هو الحاكم علي الكل و بأمره يخرج الشعور من آنية الجمادية و النباتية و يتجه الي سماء العقل الي الاعلي و يزول الظلم و تذهب الظلم و يستضيء العالم و ينقضي دور حكومة الحيوانية و يصل دور حكومة العقل و تستقر النفوس الحيوانية كل في محلها و لايبقي لها امر و لا حكم و يشرب الذئب مع النعجة و لايظلم احدهما الآخر و لايتجاوز عليه .
فأذا عرفت هذه المقدمات و أنس ذهنك بنوع افكارنا الي حد ما فأني اذكر جواب سؤالك الذي اردت و هو نظريتنا بالنسبة الي قرن العشرين فاقول اني اري عالم قرن العشرين مثل الطفل في سنيه القريبة من البلوغ زاد شعوره و ذاب و العادات التي اعتاد عليها باسم الدين او وصلت اليه بالواسطة عن اهل الدين و وضع عليها اسماء اخري مثل الانسانية ، الشرافة ، حب البشر و هذا القبيل من الاسماء فجميع هذه
صفحه ٤٣

 العادات اخذ بالقائها واحدة واحدة و شعوره غير المتشكل بشكل توجه الي الحيوانية و النباتية و ظهر بشكل طبايعها و اشكالها و أخذ يقوي تلك الطبايع و اذا اردت ان تعرف الشاهد علي ذلك فانظر الي دفاتر احصاء الجرائم و الجنايات فان الاحصاء للقتل و الجناية و خلاف العفة يزداد عاما بعد عام و الرحمة و الشفقة و المحبة و عرفان الحق و ساير الاخلاق الحسنة يقل يوما بعد يوم الطبايع الحيوانية تتقوي يوما فيوما و جميع العلوم و الشعور تستخدم في تلك الطبايع و الحاكم فيهم هو الطبع الحيواني الرجال لشدة شهوتهم الي النساء يتشكلون بشكلهم يجعلون شعرهم مثل شعرهن و لباسهم مثل لباسهن يتزينون كما يتزين النساء و النساء من عظم شهوتهن الي الرجال يتشكلن بشكل الرجال و يلبسن لباسهم يفتحون صفوفا للشبان و الاطفال يعلمونهم فيه الامور الجنسية و الطبايع التي هي اكثر انحرافا يكتفي رجالها بالرجال و نساؤها بالنساء حتي ان رجال القانون الكبار يضعون القوانين لتجويز افعالهم خلطوا بين البنات و الشبان فحملن بآلاف من الاجنة غير الشرعية و يعالجون الفاسد بالافسد و يجيزون اسقاط الجنين البعض الآخر منهم يريدون ان يقلدوا الحيوانات فيتركوا شعرهم قذرا وسخا ملبدا و يتركوا جميع آداب الانسانية و يصيروا خنافس و لايرضوا ايضا بأن يبقي لهم هذا الشعور الجزئي فيزيلوه بأنواع المسكرات و المخدرات و يجعلوا هدف جميع علومهم امنيات حيوانيتهم و نباتيتهم يقرؤن علم الاقتصاد حتي يهيؤا لهم دراهم اكثر و طعاما اكثر و يتعلموا كيف ينهبون اموال الجهال و يفرغون اكياسهم
صفحه ٤٤

 و يستعملون صنايعهم في صناعة انواع الاسلحة المخيفة حتي يقتلوا بكل نوع منها جمعا اكثر و يبيدوهم او يهددوا بها الضعفاء و يخيفوهم لينصاعوا الي اوامرهم و يقدموا كل ما يمتلكونه اليهم الدول الكبيرة توقع الخلاف بين الدول الصغيرة حتي تقدم كل واحدة نقودها لتشتري منها السلاح فيحارب بعضهم البعض و يسفك دم بعضهم البعض الاخر و يسلبوا راحة بعضهم البعض و الفقير المسكين يبقي ليخدمهم و يعبدهم فان ساعدوا الدول الضعيفة رياءا بلا بدل فذلك من باب تقديم العلف للغنم حتي تسمن ثم يذبحوها و يكون نصيبهم من اللحم الاوفر و اذا رأوا فقرهم الشديد و لايستفيدون منهم فاذا ساعدوهم من جهة و منوا عليهم باسم الانسانية فانهم يأخذون منهم اضعافا مضاعفة من طريق تقليل اسعار المواد الخام التي هي اتعاب و زحمات تلك الملل الضعيفة و لاتظنن ايضا بأن الضعفاء خير من الاقوياء بل هم مثلهم اسيروا طبع الحيوانية فلو تمكنوا لعاملوا الاضعف منهم بنفس المعاملة فأذا كان الاسد يفترس الثعلب فان الثعلب اذا تمكن يخنق الديك و علي كل حال السلطان علي الكل هو الطبيعة الحيوانية و جميع العلوم و الشعور في خدمتها و اما اذا أردت ان تري ايران اليوم فأن الامر منها ايضا علي هذا المنوال فهدفهم جميعا اللحوق بمتمدني قرن العشرين و ان ذكروا اسما لله و الرسول فأن رسمهما ذهب من قلوب اكثرهم يتسابقون مشمرين ليلحقوا باولئك المتمدنين و كل واحد منهم ان قطع فرسخا واحدا في طريقهم فان اولئك يقطعون مائة فرسخ فيتقدمون عليهم بالدنيا و اغلب هؤلاء منجذبون
صفحه ٤٥

 لاولئك و مرعوبون بهم و من غاية ضعفهم عند ما يرون انهم لايصلون الي قوتهم و قدرتهم و علمهم يسعون الي ان يظهروا بشكلهم و لا قبيح عندهم فانه لايفعل احد الاجانب في ذلك الطرف من العالم فعلا الا و صار هنا قدوة ( مودة ) اليوم فان لبست امرأة فاجرة في تلك الجهات من العالم لباسا لبس جميع متمدني هذه البلاد ذلك اللباس و كل زخرف من القول يقال في تلك الجهات يكون هنا وحيا منزلا فالعقل يعتقدون عقل الافرنج و الادب ادبهم حتي انهم ليسوا بصدد آدابهم الشعبية و يتادبون بآدابهم بحيث لايميزون عنهم و ان تمكن احد بان يتكلم باللهجة الانكليزية بحيث لايعرف بانه ايراني و لبس لباسا بحيث يشتبه انه افرنجي و يتصور الاخرون انه امريكي او اوربي فذلك غاية فخره يهيئون لهم جميع انواع المسكرات باسعار عالية و يناولونها في الولائم الفخمة الي الحاضرين ليحتسوها يشترون في بلاد الاسلام لحم الخنزير باسعار اعلي من لحم الغنم فيأكلونه اقتداء بالافرنج يعلمون الاطفال الانكليزية قبل ان يعلموه لغة الام يرسلونه الي الروضة حتي يتكلم هناك اللغة الانجليزية و يدفعون لذلك الاجور العالية و يفتخرون بذلك و ربما لايرسلون هذا الطفل الي ان يكبر و يكمل المتوسطة مرة واحدة الي مسجد او مجلس يذكر فيهما الله و الرسول و عوضا عن ذلك يبيعون ما يملكون و ما لايملكون فيرسلونه الي امريكا و اوربا حتي يكون افرنجيا كاملا و هذا الطفل بهذه التربية اذا كان مجتهدا يبقي هناك فيستخدمه الافرنج و هو يخدمهم و ينسي شعبه و بلاده و ينسي حتي اباه و امه و يتزوج امرأة افرنجية
صفحه ٤٦

 و يلقي دينه و ايمانه و شعبيته و قوميته جانبا بطمع الدراهم و خلاصة المطلب هذا الطفل الذي درس بدراهم هذا البلد و كبر بمائه و خبزه يقدم يديه كلتيهما الي متمولي الافرنج و اذا لم‌يكن مجتهدا فهو يتعلم اخلاقهم الفاسدة و ياتي بها تحفة الي شعبه و من المحتمل ان القليل منهم يرجع و له دين و ايمان و علم و يشتغل بنية الخدمة لاخوانه و الحب لوطنه والله انه ليخرج الشعور من راس الانسان ماادري ما هذا الضعف العام العجيب للنفوس الذي تنشب في هذا الجيل الجديد فصاروا مشغوفين بجمال الاجانب و آدابهم و اخلاقهم و قدموا دينهم و شعبهم و قوميتهم فداء لهم فكما ان المؤمن الموحد يسعي في كسر بيته لاجراء تعاليم الله حرفيا فكذلك هؤلاء يطبقون في كسر بيتهم مع نسائهم و اطفالهم آداب الافرنج حرفيا و لايبقون مقدار ذرة واحدة و الامر الاعجب ان كثيرا من اولئك المتكلمين باسم الدين يفسرون جميع تعاليم الاسلام علي طريقة الاجانب و رويتهم و يجعلون عملهم قدوة يقتدي به السامعون فالعلم يعتقدون علمهم و المنطق منطقهم و يعتقدون بان احكام الاسلام منحصرة باصلاح الجمادية و النباتية و الحيوانية و النظم الاجتماعية التي هي مقدمات حصول الانسانية و ينسون النتيجة الاصلية و مع ذلك فان تلك الاحكام التي يعتقدون بانها الاسلام كله يقولون بان باب العلم بها مسدود و يعتقدون بانهم شركاء مع الله و الرسول و يجعلون ظنونهم بمثابة كلامهما و يدعون الخلق الي العمل بظنونهم و يتهمون دين الاسلام و يقولون الاسلام دين حي و الاجتهاد و العمل بالظن فيه جائز و المجتهد
صفحه ٤٧

 يجتهد في كل حادثة تحدث امامه و يفتي فيها بظن يلائم حاجات اليوم و ظنه هذا هو حكم الله و الرسول و اذا دققت هذا الكلام وجدت معناه ان احكام اليوم اما ان الله لم‌ينزلها او انزلها و الرسول قد قصر في تبليغها و المجتهد بامر عقله الناقص مأمور برفع هذه النقيصة من الاسلام و الحكم الذي لم‌يجوز الله النبي ان يحكم به بدون نزول الوحي جاز لهذا المجتهد بلا وحي من الله ان يضع له حكما بالظن بعقله الناقص مطابقا لوضع هذا اليوم و يجعله حكم الله و يرفع به نقيصة الاسلام فيبقي الاسلام نتيجة لذلك غضا طريا حيا نعوذ بالله من غضب الله فالجماعة التي قائدوها يدعون الناس باسم الله و رسوله يدعون الناس الي العمل بظنونهم علي خلاف سبعين آية في كتاب الله في حرمة العمل بالظن فانظر ما الذي يفعله اولئك الذين تركوا الدين و اعرضوا عن الله و رسوله و اقبلوا علي الحيوانية بالجملة هذا منظر متمدني قرن العشرين و الممالك المتقدمة التي هي قدوة للممالك المتأخرة و هذه حالة اهل مملكتنا الذين يقتدون بهم و يتمنون الوصول اليهم و لكن للمقدمات التي ذكرت لا شئ من هذه الامور غير متوقع و هي لازمة لسير طبيعة الملك و ال محمد عليهم السلام اخبروا عنها في اخبارهم و تنبؤا بها و نري كثيرا مما اخبروا به باعيننا و لكنهم اخبروا ايضا بان الخير كله في هذا الزمان . اقول و علة ذلك ازدياد الشعور و ترقي الافهام و استعد الناس لامور لم‌يكونوا مستعدين لها من قبل و لايطول الامر كثيرا حتي يفهموا ان الطريق الذي يسيرون عليه لا شيء فيه الا الفساد و سيشاهدون
صفحه ٤٨

 ضرره باعينهم و تضيق عليهم العرصة بحيث يرجعون عن هذه الطريقة دفعة واحدة و يفتشون عن شخص ينجيهم من هذه الورطة في وقت ذاب شمع شعورهم و شرع بالتبخر و استعد للاشتعال بنار العقل عندها يخرج الحجة عجل الله فرجه من خلف ستار الغيبة فيظهر امره فكما انه اذا امتلأ جو غرفة او بيت او ناحية ببخار البنزين فبمجرد ان يشعل عود من الثقاب يشتعل جميع الاجواء فكذلك وجود الحجة ايضا الذي هو الشعلة الحاكية للعقل يشعل جميع النفوس المستعدة فتشتعل به و تصبح عاقلة فبعد ما كانت حيوانا تصبح انسانا و تتغير هذه الاوضاع و كما ان الانقلاب يحدث في النبات فيما اذا تعلقت به الروح الحيوانية كذالك يحدث ذلك الانقلاب بل اعظم منه بكثير اذا تعلقت النفس الانسانية الواقعية في هذه النفوس الناطقة و كما ان الحيوانات يمكنها مثلا ان تبصر و تسمع و لايمكن النباتات ذلك كذلك الناس ايضا بعد ان صاروا اناسي صار لهم مشاعر و مدارك لم‌تكن لهم و صار لهم تكاليف بمقتضي ارواحهم الانسانية لم‌تكن لهم من قبل و الامام عليه السلام سوف يبين لهم تلك التكاليف و هذا معني ما ورد في الاخبار بانه ياتي بشرع جديد و كتاب جديد هو علي العرب شديد و الا فان الشرع الموجود الذي بلغ و كل ما يسمع منه بآذان النفوس الناطقة و سمعناه هو باق في محله و القسم الجديد منه قسم غير قابل للسماع بالاذن الحيوانية الناطقة و لا بد من سماعه باذن انسانية فاذا وجدت الروح الانسانية سمعت الصوت فكما ان نور الشمس مثلا و ان ملأ الدنيا فان النباتات لايمكنها ادراكه و لكن بمجرد ان توجد الروح
صفحه ٤٩

 الحيوانية و تحصل علي بصر تري العالم مملوءً بالنور كذلك الامر بالنسبة الي امام الزمان عجل الله فرجه فانه في هذه الدنيا موجود و يشرق نور الله علي القلوب الا انها عمياء و لحد الان لم‌تنفتح عين انسانيتها و طريق انفتاحها تهذيب النفس و اصلاح القابلية حتي تستعد لظهور تلك الروح كما امر عليه السلام في توقيعه الشريف حيث يقول ان اعمالكم غير خافية علينا فاعينونا بعفة و سداد و تقوي و اجتهاد و هذا الامر منه لاصلاح النفوس و تعديلها حتي توجد لها قابلية لظهور الروح الانسانية و تفتح عين حقيقتها و توجد لها مشعر معرفة امامها و لو كان الناس كما في زمن ظهورهم عليهم السلام لايطلب منهم الا المعرفة الظاهرية من معرفة اسمهم و نسبهم و اخلاقهم الظاهرية من قبيل الشجاعة و السخاوة و التواضع و الترحم فلا حاجة الي هذه الغيبة الطويلة لان قدرة الله و قدرة الامام التي هي من قدرة الله ليس فيها نقص حتي تنتظر رفع هذا النقص فعند توفر الاسلحة و اسباب العمل يخرج بالسيف و يقتل الكفار اذ ان هذا الامر كان ميسورا لهم من يوم اول و لكنهم يطلبون الانسانية و انهم مأمورون من جانب الله بالتربية و ايجاد روح الانسانية و هذا العمل بالتعليم و التربية ميسور لا بالقوة و السيف افرض انك تخيف الحيوان و يمتنع من عمل القبيح بالخوف فهذا لايكون انسانا و طول الغيبة لتمام التعليم و التربية فالامام عليه السلام مشغول بوظيفته من جانب الله و هو في توقيعه الشريف قد جعلنا مطمأنين بهذا الامر فقال انا غير مهملين لمراعاتكم و لا ناسين لذكركم غاية
صفحه ٥٠

 الامر ان مدته طويلة فلو امر الشخص بتعليم طفل ليكون مهندسا ماهرا فهذا الامر لايتم في ليلة واحدة فلا بد و ان يتخذ له معلما لمدة سنة حتي يعرف الحروف و يكتب كتابة ناقصة و يودع بعد ذلك عند معلم الصف الثاني ليعلمه القراءة الابتدائية ثم علي هذا المنوال يرسل الي معلم اعلي سنة بعد سنة حتي يستعد بعد اثنتي‌عشرة سنة لتعلم الهندسة و يعلمه معلم الهندسة الكبير الهندسة و لا حاجة له في تلك السنين التي تعلم فيها المقدمات الي تدريس مدرس الهندسة الكبير و التعليمات الاولية ممكنة للمعلمين الصغار ان يعلموها و مواظبة المعلم الكبير و مراقبته و تعيين برنامج الدروس في السنين الابتدائية و المتوسطة و تعيين المعلمين الكفوئين في كل مرحلة لانجاز هذا الغرض كافية فامام الزمان عجل الله فرجه الغائب ليس انه غير مواظب علي امر الامة و انه جالس في كسر بيت بطالا خوفا من الاعداء بل هو بكمال الجد مشغول في اداء امر الله في تربية الامة و هدايتها و امر علماء الامة لتعليم الدروس الابتدائية و كما ان فهم المجتمع و شعوره يترقي كذلك يجعل معلمين راقين للتعليمات الراقية فلو راجعنا كتب علماء الشيعة منذ زمان الغيبة و بعدها لشاهدنا ترقي التعاليم سنة بعد سنة و قرنا بعد قرن كما ذكرت سابقا فان تعاليم الانبياء لاصلاح العمل من الاساس فشرعوا باصلاح الجمادية و بعدها اصلاح النباتية ثم الحيوانية ثم النفس الناطقة ثم النفس القدسية ثم كل ما هم به اعلم و جميع هذه التعاليم بينوها في اقوالهم و اخبارهم و العلماء بينوا في كل دور
صفحه ٥١

 ما يناسب حال الناس و استعدادهم و شعورهم ففي كتب السنين الاولي نري انهماكهم غالبا بالشريعة الظاهرة يعني الاحكام التي هي لاصلاح الجمادية و النباتية و الحيوانية و انت لو فتحت الكتب الفقهية مع الارشادات التي قدمتها لك لامكنك ان تعرف ان كل حكم لاي شيء فمثلا احكام النظافة و الطهارة و النجاسة و الغسل و الوضوء و المسكن و الملبس و امثال ذلك جاءت لاصلاح ظاهر الجمادية و احكام الشراب و الطعام الحلال و الحرام و امثالها صارت لاصلاح البدن النباتي و تعديله و الاحكام التي وردت في القضاء و الشهادة في انواع العقوبات لتعديل اعتداءات الحيوانية و الاحكام التي ذكروها في الخمس و الزكوة و البر و الصدقات و الامور المالية لاستقرار تعادل المجتمع و تأمين الحيوة لجميع الطبقات و الاحكام التي صارت للنكاح و الطلاق و آداب المعاشرة و امثالها لتسهيل امور المعاشرة و بقاء النوع و امثال ذلك و يوجد احكام اخري مثل الصلوة و ساير العبادات هي لاصلاح النفس و هي و ان ذكرت في الكتب الفقهية الا انها لم‌يذكر منها اكثر من ظاهرها الذي يفهمه المبتدؤن فمثلا كيف يقرؤن الصاد و كيف يلفظون الضاد كيف يؤدون الحروف يرفعون قراءتهم ام يخفضونها كيف يقفون كيف يركعون كيف يسجدون و امثال ذلك و لكن لايوجد في تلك الكتب عن ذكر معاني الصلوة الباطنية و علموا ظاهر العبادات و لكن لما ترقت الافهام شيئا فشيئا ذكرت العبادات النفسانية و اداب السير و السلوك و التخلق بالاخلاق الحسنة و السير و السلوك في طريق الحق اكثر و تصدي علماء اعلي من الفقهاء لبيان هذه
صفحه ٥٢

 الامور و من جملة اولئك العلماء علماء السلسلة الشيخية شرعوا بدروس هذا الدور قبل حوالي مائة و ستين عاما و بالاضافة الي تعليم علوم الدور السابق و الاحكام الظاهرة الشرعية بينوا علوما اعلي في اصلاح النفوس و استخرجوا مطالب دروس هذا الدور من كتاب الله و سنة رسوله و اخبار ال محمد عليهم السلام و بينوها في كتبهم و مواعظهم و دروسهم و صنفوا ما يقرب من تسعمائة و ستين كتابا يوجد منها حوالي ثمانمائة و نيف و طبع الكثير منها و نحن مشغولون بطبع ما تبقي منها و يوجد لدينا اكثر من الفي موعظة و الاف من دروسهم كتبت في مجالس درسهم و مواعظهم و شرعنا بطبعها و تمام مطالبهم هو لغرض المرحلة الآتية للدين يعني السير و السلوك في طريق الحق و معرفة حقائق الاشياء و معرفة الله و صفاته و معرفة النبي صلي الله عليه و اله و الائمة الاطهار عليهم السلام و فضايلهم و مقاماتهم و اغلب ما تحتوي عليه هو قسم من برنامج اصلاح النفس الناطقة و تهيأة النفوس لظهور النفس الانسانية و المعرفة الواقعية للائمة الاطهار عليهم السلام و وجود امثالهم و تعليماتهم هي بنفسها من مبشرات قرب ظهور الامام عجل الله فرجه فهي كضوء الصبح حيث يخبر عن قرب طلوع الشمس المشرقة و لكن بعض قصراء النظر و الذين كانوا مشغولين بتعليم العلوم الابتدائية انكروا بالاصالة وجود صف اعلي بتوهم تعطيل صف درسهم و حسبوا ان جميع احكام الاسلام و حكمة ارسال الرسل و انزال الكتب و خلق السماء و الارض لتعليم مسائل الحيض و النفاس و غسل الجنابة و احكام المعاملات و امثالها و كل من عرفها كان منتهيا
صفحه ٥٣

 و فارغ التحصيل و المعلم لذلك منحصر بهم لا غير و لكنهم غافلون عن ان نتيجة الملك بهذه العظمة ليست هذه الامور الضئيلة و صانع هذا الملك له غرض اعلي من هذا الغرض و هيأ و لايزال يهئ اسباب ذلك و لا فائدة بالعويل و الصياح و الرد و التكفير الا انهم بذلك يقللون من عزتهم و احترامهم كما حصل و علي كل حال هذا السير لايسير الي الوراء و الله يسير هذا الخلق الي الهدف الذي خلقهم من اجله .
اگر ناخدا جامه بر تن درد       ** * **      خدا كشتي آنجا كه خواهد برد
( لو ان الربان يشقق ثيابه - فان الله يوصل المركب الي ما يريد )
و نحن نشكر الله باننا نريد ان نسير بهداية مشايخنا الي الجهة التي يحبها الله و بحماية امام الزمان عجل الله فرجه نقول الحق ما امكن و ندعو دعاء عمليا لتعجيل فرج ال محمد عليهم السلام و لانكتفي بالدعاء اللساني بالجملة فلنقتصر الكلام و مما ذكرت ان شاء الله تتوصل الي طرز تفكرنا و النظر الي العالم بنظرنا بقدر الكفاية و من الكتب التي ارسلها اليك تقف بالتفصيل علي كلمات مشايخنا اعلي الله مقامهم التي جميعها مأخوذة من اخبار ال محمد عليهم السلام و صلي الله علي محمد و اله الطاهرين و اوليائهم الانجبين .
تمت علي يد العبد المسكين عبدالرضا بن ابي‌القاسم بن زين‌العابدين في صباح السابع من رجب الف و ثلاثمائة و واحد و تسعين .
تمت بحمد الله ترجمتها علي يد اقل خدام مؤلفها العبد الجاني علي بن عبدالله الموسوي في العشرة الاولي من شهر صفر سنة الف و ثلاثمائة و سبع و تسعين للهجرة حامدا مصليا مستغفرا .