صفحات 1 الي 15 من كتاب ﴿نبذة عن المدرسة الشيخية ﴾ محدودة حاليا،
لتثبيت الصفحات المحدودة، في القرص الصلب، انقر علي SaveAs في قائمة File و ادخر اسما للملف.
يثبت الملف علي تنسيق htm. في القرص الصلب و باالنقر علي اسمه يفتح الملف في البرنامج InternetExlporer

﴿نبذة عن المدرسة الشيخية ﴾
من الصفحة 1 الي الصفحة 15

صفحه ١


( بسم اللّه الرحمن الرحيم )
الحمد للّه و سلام علي عباده الذين اصطفي
اما بعد فهذا تعريف اجمالي حول مدرسة الشيخية و توضيح مختصر بالنسبة الي عقائدهم و علمائهم نذكره كمقدمة علي هذه المجموعة المسماة بكتاب الابرار الحاوية لبعض كتبهم الاصلية.
فاقول ان الشيخية طائفة من الشيعة الأثني عشرية اشتهرت بهذا الاسم لاتباعهم الحكيم و العالم الشهير الشيعي الشيخ احمد بن زين الدين الاحسائي (اع).
عقائد الشيخية في اصول الدين و فروعه كلها متخذة من الكتاب و السنة و اخبار و احاديث آل محمد صلوات اللّه عليهم اجمعين و مجمل القول في حقهم انهم جماعة من الشيعة يبذلون غاية جهدهم في اتباع الائمة المعصومين صلوات اللّه عليهم اجمعين و الاخذ عنهم و لايعتمدون في دين اللّه و احكام الشرع المبين علي شيء من مُؤدّٰي العقول الناقصة و الآراء و القياسات و الاستحسانات و سلائق الاشخاص العاديين و كل اعتمادهم علي ما وصل اليهم عن اهل العصمة (ص) بواسطة الثقات من الرواة. و لهم سعي بليغ في ذكر فضائل اهل البيت (ع) و نشرها و يعتقدون أن الاعتقاد بأن معارف الاسلام تنحصر في هذه الاحكام الظاهرية من العبادات و المعاملات غير كاف للمسلم و يعدون الذين اكتفوا بظاهر الشريعة و قشرها مقصرين كما انهم يعتقدون ان بعض الصوفية و المتصوفة الذين قالوا بأن الدين هو صرف الامور الباطنية و تركوا ظواهر العبادات ايضاً عقايدهم و اعمالهم ناقصة و لاتوصل الانسان الي المقام الرفيع الذي خلق لاجله و ان دين الحق هو قبول جميع الظواهر و العمل بها، و السعي في معرفة حقايق تلك الظواهر و بواطنها بقدر الوسع.

صفحه ٢

 و علي اي حال لا شك ان عقيدة الشيخية هي نفس عقايد الشيعة الجعفرية الأثني عشرية و مانقصوا شيئاً من مذهب الائمة الاطهار (ع) و مازادوا بل لايجوزون نقصاً و لا اضافة في دين اللّه نعم قد اتفق انهم بينوا في توضيح بعض المعارف التي استنبطوها من الكتاب والسنة مطالب نظرية لاتطابق آراء جمع من العلماء، و من المناسب ان نشير في هذا المقام الي بعض هذه الموارد لتتضح حدود هذه المدرسة و وجوه امتيازها عن ساير المدارس الشيعية بشكل واضح.
و للحصول علي هذه النتيجة، نقسم اختلاف الآراء بين الشيخية و غيرهم الي قسمين، قسم منها يرتبط باخذ الاحكام عن ادلتها و هو راجع الي اصول الفقه، و القسم الثاني اختلاف الآراء و الانظار في المسائل الحكمية مثل مسألة المعاد و المعراج الجسمانيين، اي كيفيتهما و فضائل الائمة الاطهار و اوليائهم الكبار.
اما بالنسبة الي اخذ الاحكام عن ادلتها اي المنابع و المصادر الشرعية، و يعني، في الحقيقة، اصول الفقه، فقد اقترح علماء الشيخية بعض الآراء و الاقتراحات التي تبدوا في بادي النظر عند البعض انها ملفقة من الآراء الاصولية و الاخبارية، لان الشيخية يقولون اولاً بلزوم العمل بالعلم و يقولون بامكان حصوله و بالتالي هم معتقدون بكثير من الاصول و القوانين الاصولية، اي ما كانت منها مأخوذة من الكتاب و السنة و لها اصول واضحة في الاخبار و لكنهم لايعملون بساير الاصول المتداولة غير المأخوذة من اخبار آل محمد (ص) التي استحسنها بعض الاصوليين.
و بالنسبة الي ادلة الاحكام فلا شك عندهم في كون الكتاب و السنة دليلين و مستندين للاحكام الشرعية غير ان نظرهم في تقسيم الاخبار ليس بحيث يقسمونها الاصوليون و لايعتمدون كثيراً علي علم الرجال الا ما كان فيها من رواية الاخبار عن الائمة الاطهار و لهم ادلة كثيرة علي عدم اعتمادهم هذا، و هي موجودة في كتبهم الاصولية.

صفحه ٣

 و اما بالنسبة الي العقل و الاجماع كمستندين قطعيين للاحكام فيقولون ان عقل المعصوم لا شك في حجيته و كذا ما تعرف العقول كلها عدله و صحته و كان مطابقا علي النصوص الشرعية و لايقبلون مؤدي عقل فقيه من الفقهاء كمستند في تمييز حكم اللّه و يقولون ان العلماء شغلهم الرئيسي هو الرواية عن اهل العصمة لا ان يتفكروا في الموضوعات لتعيين حكمها بعقولهم بدون نص من صاحب الشريعة و يسموا ما وافق عقلهم حكم اللّه و يوجبوه علي المقلدين. و يقولون ان الائمة عليهم السلام قد عينوا الطريقة و اوضحوا و قالوا : اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و انا حجة اللّه. و نفس هذا التخصيص - اي بيان صفة رواية اخبارهم في العلماء - يؤدي الي ان العلماء شغلهم الرواية، و في الحقيقة دليل الرجوع اليهم صرف هذه الصفة، و بقية علومهم و كمالاتهم فضائل و مكملات فرعية، و شأنهم و امتيازهم الاصلي هو الرواية عن المعصوم (ع) و مااُمرنا بالرجوع الي عقولهم و آرائهم و رب فقيه و عالم يوجد في مقلديه من هو اقوي منه عقلا و هذا امر مشهود فان لميرو ذلك الفقيه عن امامنا فما هو المرجح في الرجوع اليه و لاي دليل يوجب علي الناس تبعيته و الاخذ بما رجحه بعقله الشخصي؟ و كذلك في الاجماع، كمستند للاحكام، فان الشيخية يعتقدون ان ضرورة الاسلام او ضرورة الشيعة متبعة لا شك فيها و كذلك اذا نسب قول الي المعصوم و اجمع العلماء علي صحة هذه النسبة فهذا القول ايضاً متبع او اذا فهم كل علماء الشيعة معني واحداً من خبر او اخبار، ذلك ايضاً متبع لا شك فيه و اما الاجماعات المنقولة علي فتوي او فتاوي خالية عن النص و ما استُنبط بالعقل و الترجيحات و الاستحسانات فهي لايعمل بها عند الشيخية و يقولون ان ما كان خالياً عن النص فهو ايضاً منصوص علي حكمه لايحتاج الي استدلال عقلي و قد بين الامام (ع) حكمه، حيث يقول :كلُّ شيء لك مطلق حتي يرد فيه نص او نهي. فنفس هذا الاطلا ق حكمه عليه السلام في حقنا، نأخذ به بارد القلب ثلج الفؤاد فالعمل بالعقل هنا ايضاً رأي في مقابل النص فالاولي الوقوف هنا في الفتوي و عدم سلب الاختيار المفوض الي المكلف.

صفحه ٤

 ادناه بعض موارد اختلاف آراء الشيخية مع اخوانهم الاصوليين و الاخباريين او اتفاقهم معهم.
اما المسألة الاولي التي بيّنها الشيخية حول حصول العلم و اسلوب الاخذ بالاخبار، و ان لمتكن صورتها جديدة عند البعض، و لكن ادلتها جديدة حديثة عميقة باطنية تعتمد علي حكمة الشيخية التي عمدتها شرح فضائل و مقامات محمد و آل محمد (ص) و اوليائهم الكبار.
و الشيخية في هذا المقام اي في اصول الفقه بنوا أدلتهم علي مسألة "تسديد الامام و تأييده" ايضاً و هي مسألة معروفة ذات اهمية كبيرة عندهم مبنية علي أسس حكمة الشيخ احمد بن زين الدين الاحسائي التي وضع اسسها ذلك الشيخ الكبير ثم فسرها و بينها بعده علماء تلامذته مثل المرحوم السيد كاظم بن قاسم الرشتي و المرحوم الحاج محمدكريم خان الكرماني و ثم ساير علماء الشيخية و قد اثبتوا بهذا الدليل كيفية حصول العلم القطعي باخبار آل محمد (ص) و بينوا ان احكامنا الشرعية كلها يقينية لا ظنية، و بينوا انه لو لميكن هذا الدليل لكانت جميع الاحتمالات في عدم امكان حصول العلم بالاخبار، واردة، و لميكن بد من العمل بالظن بل كان ادعاء حصول الظن غير ممكن في كثير من الموارد ايضاً و لكان العمل بالوهم هو المتبقي لنا.
و في الحقيقة لميكن ليبقي دين بدون الاعتماد علي دليل التسديد و الاخذ به، و نحن نذكر هنا اصول هذا الدليل بالاختصار ثم نشير الي ان بيان وجهة النظر هذه و هذا الاقتراح لميكن لايجاد الاختلاف و الاصرار علي الآراء الشخصية، بل كان كحل للمسألة و خدمة للكشف عن الحقيقة و بيانها. و هذه المسألة في الحقيقة من الآيات التي قد مروا عليها اكثر القدماء غافلين عنها و هي كانت واضحة مبذولة في القران و الاخبار متواترة و قد بينها المرحوم العالم الرباني و الحكيم الصمداني الحاج محمدكريم خان الكرماني في كثير من كتبه من قبيل كتاب "القواعد" و رسالة "علم اليقين" و موسوعة "الفطرة السليمة" باوضح بيان مشروحة العلل مبينة الاسباب و ما نذكره هنا ليس الا فهرساً علي الادلة و اشارة الي اصولها.

صفحه ٥

 بالجملة فان المفهوم الكلي لدليل التسديد في اصول الفقه عند الشيخية هو انه اذا حصل لنا اليقين بأن الاخبار و الاحاديث التي وصلت الينا - و قد اخذناها من الطرق التي امرنا بها ائمتنا الاطهار - تلك الاخبار هي نفس ما رضي لنا صاحب الامر (عج) و رأي صلاح حالنا في العمل بها فمثل هذه الاخبار التي ايدها اللّه و سددها و لميبطل امرها و لميصل الينا دليل علي عدم صحتها هي في الحقيقة امر اللّه فينا و حكمه، لا شك في لزوم قبولها و اتباعها و تجري هذه القاعدة في اشخاص العلماء ايضاً، اذ يمكننا، علي سبيل المثال، ان نحصل العلم بأن العالم او الفقيه الفلاني مؤيد بتأييد اللّه و مسدد بتسديده اذا رأيناه مصداق قوله عليه السلام اما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظاً لدينه ... الخ.
و مختصر ادلتهم انهم يقولون لا شك ان اللّه سبحانه خلق الخلق للمعرفة و هو علي كل شيء قدير و هو رب عالم حكيم و لما كان الخلق جاهلين في بدو خلقهم لايعرفون الخير و الشر و الصلاح و الفساد ارسل لهدايتهم الرسل و جعل اولئك الانبياء و الرسل علماء قادرين علي ابلاغ اوامر اللّه مطيعين له حتي يبلغوا رسالاتهم و يوصلوا الاحكام الي الخلق مبشرين و منذرين و يعلموهم و يهدوهم حتي تتهيّأ لهم اسباب النجاح و الفلاح و هذا امر جار في جميع الأنبياء سيما نبينا (ص) الذي هو افضل الانبياء و اشرفهم و خاتمهم و امته آخر الامم و دينه خاتم الاديان فيجب ان يأتي بجميع ما يوصل الناس الي السعادة و يلزمهم في نجاحهم و رشدهم الي يوم القيامة و يبلغها اليهم كلما احتاجوا اليها، و لا شك انه جاء و ابلغ رسالته و دعا الناس طوال ثلاث و عشرين سنة و هداهم الي ان قال لهم : ان الحلال و الحرام اكثر من ان احصيها واعرفها فآمر بالحلال و انهي عن الحرام في مقام واحد فامرت ان آخذ البيعة منكم و الصفقة لكم بقبول ما جئت به عن اللّه عز و جل في علي اميرالمؤمنين و الائمة من بعده الذين هم مني و منه، الحديث.

صفحه ٦

 و بعد وفاته (ص) جاء اثناعشر وصياً له و بينوا الاحكام المستودعة عندهم للخلق علي حذو ما وعدهم الرسول الصادق الامين (ص) الي ان قدر اللّه لثاني عشرهم الغيبة لما رأي من مصلحة الخلق و قد غاب و امر الخلق بالرجوع الي الثقات من رواة اخبار اجداده و قد قال في حقهم انهم حجتي عليكم و انا حجة اللّه يعني اذا كان اشخاص بهذه الصفة، اي الوثاقة في الرواية بمعناها الحقيقي موجودين فيجب الرجوع اليهم، و هم في الحقيقة العلماء و الفقهاء المشار اليهم في قول الصادق عليه السلام: و اما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً علي هواه مطيعاً لامر مولاه فللعوام ان يقلدوه. و هذا التقليد معناه التبعية المشار اليها في الحديث السابق بقوله (ع) فارجعوا فيها الي رواة حديثنا و معني الرجوع اليهم الاخذ بروايتهم و هو في الحقيقة الرجوع الي الامام و الاخذ بقوله (ع) و الا فمعلوم انه ماامر باتباع آراء الفقهاء الشخصية و استحساناتهم، كما انه (ع) يقول في آخر تلك الرواية : و ذلك لايكون الا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم. فالامام (ع) لايؤيد كل فقهاء الشيعة بل يؤيد من وصفهم بقوله اما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظاً لدينه ... الخ و المقصود من كل هذه التأكيدات و الاصرار علي اتصاف العلماء بهذه الكمالات و مكارم الاخلاق و كونهم اصحاب نفوس مطيعة للامام غير مايلة الي الاستقلال عن المعصوم نفس هذا المطلب، اي كونهم رواة في الحقيقة بصفاتهم و بالاخبار التي يروونها عن الائمة بكمال الدقة و الوثاقة و اذا كان مثل هذه الاشخاص موجودين فهذه النفوس الزكية تناسب ان تكون مؤيدة بتأييد الامام (ع) و محل تقريره و فتاوي هذه العلماء التي هي في الحقيقة رواية اخبار آل محمد (ص) - سواء كان الفتوي رواية حديث واحد او مؤلفاً من اخبار متعددة - تكون نفس الحكم الذي اراد اللّه للخلق و قد ايدها صاحب الامر (عج).

صفحه ٧

 و يقولون في توضيح ادلة التسديد انه لو فرض ان وجود صاحب الامر (عج) يومنا هذا لا فائدة له في حفظ دين اللّه و ان سنة النبي (ص) و تعاليمه و تعاليم الائمة قد وقع في ايدي الكاذبين و الجاعلين و وقع في نسخها السهو و الاشتباه من النساخ او بعض التغييرات من اهل الاغراض - و لا شك ان مثل هذه الامور قد تقع - فهذه الاخبار قد تغيرت عن صحتها الاولية و لايرضي بها اللّه و لايحصل يقين بصحتها. فمثل هذا الرأي عبارة اخري عن هذا القول انه امّا انّ الرب سبحانه قد عجز عن ايصال دينه الي الخلق او ان الرسول (ص) قصّر في التبليغ او الائمة عليهم السلام ماحفظوا الدين و الشرايع و قصروا في واجبهم نعوذ باللّه و قد وقع غيبة الامام ايضاً بدون حكمة و تخطيط سابق دفعة و لايقدر الامام (ع) ان يعمل عملاً لحل هذه المشكلة فعلاً، و لايحصل لاحد من المكلفين ايضاً علم باحكام اللّه، و صار الامر بهذه الكيفية و لايحصل لنا غير الظن و مابقي غير هذه الاحاديث الظنية و غير عقول العلماء و آرائهم في تعيين الاحكام الشرعية، و الحال ان الحقيقة غير هذه الاحتمالات، و ان اهل المعرفة من الشيعة معترفون بان الامام (ع)، وجوده واجب لحفظ الدين، و هو صاحب التصرف في العالم و له الولاية الكلية و ان اللّه الذي اوجب عليه حفظ الدين قد اعطاه اسباب الحفظ ايضاً من العلم و القدرة و التصرف و ساير ما يحتاج اليه في حفظه و هو ايضاً معصوم لايخالف امر اللّه بل لايترك الاولي و الأصلح ابداً فلا شك انه يحفظ الدين و يبلغ و يوصل الاحكام في كل وقت الي الناس علي ما يري مصلحتهم فيها و قلوب الفقهاء الحقة في يده، و اولئك الفقهاء الذين هم مصاديق الاوصاف المذكورة في قول الصادق عليه السلام من كونهم صائنين لانفسهم حافظين للدين مخالفين علي هواهم و مطيعين لأمر مولاهم، قلوبهم بمنزلة المرايا الصافية فاذا استفتوا بصفاء بواطنهم من اللّه و طلبوا من امامهم معرفة حكمه و لميخرجوا من مضامين الاخبار و الاحاديث و النصوص الصحيحة يلقي اللّه في قلوبهم ما هو صلاحهم و صلاح الناس و يستخرجون الحكم الحق من تلك الاخبار و هذا في الحقيقة تسديده و تقريره سبحانه الذي اجراه علي يد صاحب الامر و هو (عج) ايضاً يؤيد العلماء الحقة و يسددهم بتعريفهم للناس انهم اتباعه (ع) و خدامه لايتكلمون بآرائهم و استحساناتهم بل يروون عنه فرواياتهم و فتاواهم في مثل هذه الحال حكم اللّه المتعال المؤيد اليقيني القطعي.

صفحه ٨

 و خلاصة الكلام ان الشيخية يقولون : ان الملك للّه و هو عالم قادر و ماترك امر الدين في ايدي الحوادث و قد نصب الامام و جعله ماموراً لحفظ الدين و له الولاية التكوينية و التشريعية و لايخفي عليه امر من امور العالم و اصلاح كل امر و حل كل مشكلة بيده و قدرته و هو مأمور بحفظ الدين و بما انه معصوم كلي علي اليقين فقد عمل بكل واجباته و لايزال يعمل و تقول الشيخية، خطاباً لمن ينكر هذا الدليل : ان اكثر تصوراتكم مبتنية علي فرض عدم تصرف الامام في العالم و حفظه، و قد تقولون ان الامام وجوده لطف و تصرفه لطف آخر و الحال ان اخبار فضائل محمد و آله صلوات اللّه عليهم اجمعين صريحة في ان الامام (ع) وجوده واجب و تصرفه امر واجب ايضاً بل هو حتمي قطعي يقيني، و ان اعتقدتم بتلك الفضائل حقيقة و ارتقيتم من صرف الاعترافات اللفظية و قبلتم ما يترتب علي قبول تلك الفضايل ثم نظرتم الي العالم و مسائله الكلية و الجزئية علي اساس وجود هكذا اشخاص في ملك اللّه تنحل كثير من المشاكل و منها هذه المشكلة و ستتبدل الظنون باليقين باعتقاد حضوره و ان الخلق بمرأي منه و مسمعه و هو يتصرف في الامور بامر اللّه.
و لايخفي ان علماء الشيخية يثبتون هذه الامور و يستدلون عليها بانواع الادلة مشروحة العلل مبينة الاسباب و نحن اكتفينا هنا بذكر رؤوس بعض ادلتهم رعاية للاختصار.

صفحه ٩

 و اما اختلاف الشيخية مع ساير العلماء في بعض المسائل النظرية في المعارف و الحكم كالمعاد و المعراج و بعض العقايد في فضائل الائمة و الاولياء، التي هي ثقيلة علي بعض الاذهان و الطبايع فجدير بالذكر القول اولاً ان الاختلاف في المسائل النظرية ليس امرا جديدا بين المسلمين و المؤمنين و قد كان و يكون، و لميكن مناط الكفر و الايمان، بل في الحقيقة وجود اجواء و ظروف في عالم العلم و الثقافة بحيث يقدر كل صاحب رأي و نظر ان يبين فيها مؤدي فكره، هي في الحقيقة، من اسباب ارتقاء المجتمع و تقدمه و سبب لتطور العلوم و تعاليها.
و علي اي حال لما ظفر علماء الشيخية بعد التحقيق و التعمق التام في كتاب اللّه و سنة رسوله (ص) و اخبار الائمة عليهم السلام و ما يُستفاد و يُستنبط من النظر في الآفاق و الانفس بتوضيح دقيق و توجيه وجيه في مسألة المعاد و المعراج الجسمانيين، يبيّن و يوضّح طبقات العوالم المختلفة و مراتبها و خصوصياتها و ظروفها اسهل و افضل من ساير التوجيهات و البيانات السابقة من قبل العلماء المتقدمين، و به تنحل بعض المصاعب و المشاكل و التصورات غير الصحيحة - كقضية فرض صلابة الافلاك و عدم امكان النفوذ و العبور و الجواز منها الا بخرقها و لزوم الالتيام المفروض وجوبه بعد ذلك الخرق و امثالها، بينوا بعض البيانات في مسألة المعاد الجسماني و اثبتوا ان المُعاد هو الجسم و الروح معاً و ابطلوا المعاد الروحاني الصرف، و قد بينوا في توضيحاتهم ان الجسم المُعاد هو الطف من الجسم العرضي المحسوس و هو في هذا المحسوس الملموس، و ليس المُعاد اعراض الجسم و لكن لما لميكن بياناتهم مطابقة لبعض التصورات القشرية و ما يفهمه غير الأخصائيين في فنون الحكمة، اشكل قبول كلامهم علي بعض العلماء من اهل الظاهر الذين كان عمدة دراستهم و تحصيلهم في الفقه و الاصول و مسائل الشرع الظاهر كالعبادات و المعاملات و لميكن لهم اطلاع كامل علي حقايق المسائل الي ان انجر عدم قبولهم لتلك الامور الي المخالفة و رد بيانات الشيخ المرحوم الشيخ احمد الاحسائي (اع) في بعض المسائل المشار اليها و حدث لغط و غوغاء و ضوضاء و اعترضوا عليه بان هذا الاعتقاد و هذا التوجيه للمعاد بحيث يكون للانسان جسم لطيف، اضافة الي هذا المحسوس كفر.

صفحه ١٠

 و الواقع ان المكفرين لميلتفتوا الي ان هذه المسألة من اكبر مسائل الحكمة الالهية التي عجز كثير من العلماء عن حلّها و فهم مقدماتها و لايمكن لأناس مثلهم، تخصصهم مقصور في الفقه الظاهر و ظواهر الشريعة و احكام الحلال و الحرام ان يقبلوها او يردّوها بهذه السرعة و دون تأمل في قول القائل بها و ادلته كما انهم لمينتبهوا الي ان هناك اربعةعشر قولاً فقط، او اكثر بقليل، في كيفية المعاد بين علماء الشيعة و هم بين القائلين بالمعاد الجسماني و الروحاني، او النفساني، او الجسماني و الروحاني معاً و علي فرض وقوع اجماع مدعيً فهو علي كون المعاد جسمانياً لا علي كيفية هذا الجسم، و لمينعقد اجماع و اتفاق علي كيفية المعاد الجسماني ابداً حتي يكون التخلف عنه جريمة و ذنباً و كفراً، و علي اي حال فقد اعترضوا و ردوا علي فقيه عالم، و حكيم شيعي كامل و كفّروه، بينما كان كل سعيه هو استخراج العلوم و بيان المعارف و الحكم مستنداً علي الاخبار و الآثار المروية عن محمد و آله صلوات اللّه عليهم و متجافياً عن حكمة غير المسلمين من اليونانيين و غيرهم، قائلاً ما قال آل محمد (ص) قلنا و ما دانوا به دنا. و الطريف في هذه القضية ان اكثر المكفّرين لميعرفوا بالضبط اي شيء يردونه و ما هو حقيقة الأمر في هذه المسألة.
نعم ذاكرة التاريخ تتذكر كثيراً من هذه الموارد و المعاملات مع العلماء و علي اي حال كان الشيخ احمد الاحسائي يقول ان اعراض الجسم لاترجع الي الآخرة لانها ماجاءت من هناك و يوجد جسم في الانسان الطف من هذا الجسم و هو الجسم الاصلي و المعاد هو الروح في ذلك الجسم الاصلي و من اراد تفصيل وجهة نظره (اع) و شرحه فعليه بكتاب الفطرة السليمة و المهدوية و كلاهما من مصنفات العالم الجليل المرحوم الحاج محمدكريم خان الكرماني (اع).
و مسألة المعراج الجسماني للنبي (ص) هي ايضاً من المسائل المختلف فيها بين الشيخية و بعض العلماء فهم يقولون بان المعراج و ان كان جسمانياً الا انه ليس بالجسم العرضي و هذا التصور ان النبي (ص) كان قد ذهب مثل احدي هذه السفن و الصواريخ الفضائية الي هذه السماوات الظاهرة تصور عامي ناشئ عن السذاجة و عدم التعمق في المسألة، لان الصعود الي هذه السماوات لايكون الا في جهة خاصة من الجهات، و معراج النبي (ص) كان للتقرب الي اللّه و ليس اللّه سبحانه ساكناً في طرف من السماء حتي يتقرب اليه شخص بالسير في احدي هذه الجهات الستة المعروفة، و لازم هذه التصورات القول بمحدوديته سبحانه و كونه في جهة خاصة و خلو ساير الجهات منه و هذا خلاف التوحيد قطعاً.
و نحن قد بينا المطلب بنهاية الاختصار و اجتنبنا عن ذكر الاصطلاحات العلمية الخاصة بهذه المسألة، و من اراد الاطلاع علي مشروح ادلة الشيخية فعليه بالرجوع الي كتبهم الاصلية مثل شرح الزيارة الجامعة الكبيرة و شرح العرشية و شرح المشاعر كلها للشيخ الاوحد الشيخ احمد الاحسائي (اع) و كتاب الفطرة السليمة و ارشاد العوام للمرحوم الحاج محمدكريم خان الكرماني و ساير مصنفات علماء الشيخية في هذا الفن.

صفحه ١١

 و من موارد اختلاف النظر بين علماء الشيخية و ساير العلماء المتأخرين، ايضاً، انهم اي الشيخية يعدون اصول الدين و المذهب اربعة و اكثر علماء الشيعة، اي المتأخرين منهم في هذه الايام، يعدونها خمسة و ليس التعداد بهذه الكيفية دليله انكار الشيخية لاصل من الاصول و لا اختلاف في حقية معاني هذه الاصول و الموارد الخمسة او الاربعة بينهم و بين ساير العلماء، بل البحث عن لزوم عد هذه الاصول بهذه الكيفية و عدمه و الشيخية يقولون انه ماورد كتاب و لا سنة و لا حديث بان اصول الدين و المذهب هذه الخمسة بل هذا شيء قد عده العلماء بسلايقهم، و عد العدل من الاصول لا رجحان له اليوم لانه صفة من صفات اللّه سبحانه مثل باقي صفاته و هي مندرجة في اصل التوحيد مثل ساير صفاته سبحانه كالعالم و القادر و الحي و الغني و يجب الايمان و الاعتقاد بها كلها و هي كلها مندرجة في الاصل الاول اي التوحيد فلايجب ذكر العدل علي حدة في ضمن الاصول و كذلك لايجب ان يعد المعاد بخصوصه لانه مندرج ضمن الاصل الثاني اي النبوة و معني هذا الاصل هو الاعتقاد بالنبي (ص) و بما جاء به و المعاد هو مما جاء به رسول اللّه (ص) و يجب الاعتقاد به كما يجب الاعتقاد بكل ما جاء به كالصلوة و الصوم و لا رجحان لذكره في ضمن اصول الدين و المذهب و لا دليل عليه من الكتاب و السنة و تقول الشيخية ان الذي يجب ان يكون اصلاً في الديانة و لنا علي كونه اصلاً ادلة من الاخبار و الاحاديث هو الاصل الرابع عندنا و هو معرفة كبار الشيعة و القائدين لهم و امر الاخوة و مسألة الولاية و البراءة و الحب و البغض و مآلها كلها الي امر واحد و قد عبروا عن هذا الاصل بمعرفة الشيعة اي كبار الشيعة و هذا الاصل في لسان الاخبار مذكور بقولهم (ع) : اوالي من والوا و اعادي من عادوا و اجانب من جانبوا، و كون هذا المطلب اصلاً امر واضح و مستند، و معلوم انه ما منا من ينزل اليه الوحي و في هذه الحال و في الوقت الذي توفي فيه النبي (ص) و الامام (ع) غائب عنا و التكليف باق لابد من الرجوع الي كبار الشيعة و علمائهم و لا شك انه يوجد علماء سوء بين العلماء، و نري، مع الاسف، ان بينهم الصالح و الطالح، و الصادق و الكاذب، و المؤمن و المنافق، و هذا امر لاينكر عقلاً و لا نقلاً و قد صرح به الرسول (ص) فكيف يمكن ان لايكون معرفة هؤلاء العلماء و تمييزهم اصلاً؟ و كيف يمكن الركون الي بعضهم عشوائياً و بدون المعرفة و الاطمينان بحقانيتهم؟ فمعرفة هؤلاء الذين هم اخواننا الكبار اصل، و اي اصل، و علينا معرفة الصادق و الكاذب منهم و علينا ان نوالي الصادقين منهم و نكون من كاذبيهم علي حذر.
و للشيخية في هذا الاصل كتب عديدة اشهرها ارشاد العوام باللغة الفارسية، و المجلد الرابع منه خاص بهذا الاصل الرابع او الركن الرابع في اصطلاحهم، و كذلك كتاب الفطرة السليمة و ينابيع الحكمة و بيان هذه المسألة مشروح فيهما ايضاً.
و للشيخية كذلك آراء و نظرات في مسألة الوجود فهم لايعتقدون بوحدة الوجود و وحدة الموجود ابداً بل يردون علي القائلين بهما و يقولون بان لا وحدة و لا اشتراك بين اللّه و خلقه و لايمكن شرح هذه التفاصيل في هذا المختصر و من اراد التوضيح فعليه بكتاب شرح المشاعر او شرح العرشية او ينابيع الحكمة و امثالها من الكتب الحكمية الكثيرة التي صنفها علماء الشيخية و عدد كل مصنفاتهم في العلوم المختلفة يتجاوز الالف و كلها مذكورة في كتاب "فهرست كتب المشايخ العظام اعلي اللّه مقامهم" للمرحوم العالم الرباني الحاج ابوالقاسم الابراهيمي الكرماني (اع)، و نكتفي بهذا القدر من البيان هنا و لزيادة معلومات القراء الكرام علي هؤلاء المصنفين، يعني علماء الشيخية نشير الي اسمائهم و تاريخ ولادتهم و وفاتهم و عدد مصنفاتهم بالاختصار، ومن اراد التفصيل فعليه بكتاب الفهرست المذكور الموجود في هذه المجموعة.

صفحه ١٢

 ١ - مؤسس هذه المدرسة هو الشيخ احمد بن زين الدين الاحسائي (اع) ولد في الاحساء سنة ١١٦٦ ه‍ ق و توفي بقرب المدينة المنورة سنة ١٢٤١ ه‍ ق و دفن في البقيع بجوار الائمة الاطهار (ع) كان مجازاً من قبل كثير من العلماء منهم المرحوم السيد مهدي بحر العلوم و اجاز جمعا كثيرا من العلماء منهم المرحوم الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر و عدد مصنفاته اكثر من مائة و عشرين رسالة كلها مذكورة في كتاب "فهرست كتب المشايخ العظام (اع)".
٢ - بعد وفاة الشيخ المرحوم (اع) تولي زعامة الشيخية اقدم تلامذته و ابرزهم المرحوم السيد كاظم الرشتي (اع) كانت ولادته (اع) في بلدة رشت في شمال ايران علي شاطئ بحر قزوين، و قد تشرف بخدمة الاستاذ و هو ابن ستةعشر سنة في مدينة يزد وفاته (اع) في سنة ١٢٥٩ ه‍ ق في كربلاء المعلاة و دفن في الحرم الشريف اسفل اقدام الشهداء له مصنفات كثيرة يبلغ عددها مائة و سبعين رسالة.
٣ - المرجع الثالث للشيخية و مقتداهم هو المرحوم الحاج محمدكريم خان الكرماني (اع) و هو من نوادر علماء الشيعة و اعلامهم ولد (اع) في كرمان في جنوب ايران و ابوه المرحوم ابراهيم خان ظهير الدولة ابن عم السلطان فتحعلي شاه و صهره و كان حاكما لكرمان ذلك الوقت و له علاقة مع المرحوم الشيخ احمد الاحسائي (اع) سافر المرحوم الحاج محمدكريم خان بعد وفاة ابيه الي كربلا و تشرف هناك بخدمة المرحوم السيد كاظم الرشتي (اع) و صار محل لطفه و اهتمامه الكثير، و هذا الامر واضح جداً من مراسلات المرحوم السيد (اع) معه و كانت له اجازات متعددة من استاذه (اع) و ساير العلماء و قد صنف اكثر من مئتين و ستين مصنفا في علوم مختلفة من الفقه و الاصول و الحكمة و الجواب علي الاسئلة توفي اعلي اللّه مقامه في طريق سفره الي كربلاء المعلاة سنة ١٢٨٨ ه‍ ق علي ثلاث مراحل من كرمان في قرية تهرود، و قد نقل جثمانه الشريف الي كربلا و دفن اسفل رجل الامام (ع) و الشهداء بجوار استاذه (اع).
٤ - بعد المرحوم الحاج محمدكريم خان تولي زعامة الشيخية ابنه الحاج محمد خان الكرماني (اع) و كان هو فقيهاً عالماً حكيماً ذا مصنفات كثيرة و قد تم تسجيل دروسه و مواعظه طوال ثلاثين سنة تقريباً و قد استُنسخ و طبع اكثرها و هي ثروة عظيمة و كنز كبير من العلم و الحكمة و هذه الآثار بالاضافة الي كتبه التي تبلغ اكثر من مئة و ثمانين كتابا مجموعة غالية قلما يوجد في العلماء من ورّث مثلها لأعقابه و تلامذته، ولادته (اع) كانت في سنة ١٢٦٣ ه‍ ق فيما كانت وفاته في سنة ١٣٢٤ ه‍ ق في كرمان و قد دفن في كربلاء المعلاة بجوار ابيه اعلي اللّه مقامهما.
٥ - بعد وفاة اخيه المرحوم الحاج محمدخان تولي مرجعية الشيخية المرحوم الحاج زين العابدين خان بن الحاج محمدكريم خان و قد كان (اع) فقيهاً كاملاً ماهراً و عالماً محققاً صنف ما يقرب من مئة و اربعين كتاباً في العلوم و المعارف الشيعية اغلبها شارح و حلّال لمشكلات الاخبار و الآثار ولد (اع) سنة ١٢٧٦ ه‍ ق و تتلمذ علي اخيه المرحوم الحاج محمد خان توفي (اع) في بلدة كرمان سنة ١٣٦٠ ه‍ ق و نقل جسده الشريف الي كربلاء المعلاة و دفن بجوار ابيه في الحرم الشريف تحت اقدام الشهداء رضوان اللّه عليهم اجمعين.

صفحه ١٣

 ٦ - بعد وفاة المرحوم الحاج زين العابدين خان تولّي مرجعية الطائفة ابنه المرحوم الحاج ابوالقاسم خان الابراهيمي و هو (اع) صاحب تصانيف متعددة في الفقه و الحكمة يبلغ عددها خمسة و ثلاثين مصنفاً و قد تصدي (اع) طول عمره الشريف للاجابة علي كثير من الاسئلة و ايرادات الموردين و دفع الشبهات التي اثيرت حول الشيخية ولادته (اع) كانت في سنة ١٣١٤ ه‍ ق و وفاته كانت في سنة ١٣٨٨ ه‍ ق في مشهد الرضا عليه السلام و قد دفن هناك في الحرم الشريف الرضوي (ع) في رواق دار العزة.
٧ - المرجع السابع من علماء الشيخية هو المرحوم الحاج عبدالرضا خان الابراهيمي تصدي لزعامة الطائفة بعد والده (اع)، و قد كانت ولادته (اع) في سنة ١٣٤٠ ه‍ ق و اختار اللّه سبحانه له سعادة الشهادة في يوم السابع من صفر في سنة ١٤٠٠ ه‍ ق بعد صلوة العشاء في بلدة كرمان، و نقل جسده الشريف الي كربلاء المعلاة و دفن في حسينية بني عامر كان اعلي اللّه مقامه عالماً فقيهاً حكيماً حليماً ذا تصانيف متعددة في شتي العلوم يبلغ عددها ستة و ثمانين مصنفا و كان له سعي بليغ في نشر فضائل آل محمد عليهم السلام و طبع كتب الاخبار و الفضايل.
٨ - المقتدي الثامن للطائفة هو سماحة العالم العامل و الفقيه الكامل جناب السيد علي بن السيد عبداللّه الموسوي البصري اعلي اللّه مقامه كان (اع) اقدم و ابرز تلامذة استاذه المرحوم الحاج عبدالرضا خان (اع) و كان دائماً محل لطفه و عنايته و تأييده و قد قلده جميع مقلدي استاذه المرحوم (اع) بعد شهادته في سنة ١٤٠٠ ه‍ ق، كان (اع) يسكن مدينة البصرة في العراق و له مصنفات كثيرة في الفقه و الاصول و رد المطاعن و دفع الشبهات حول الشيخية و الاجابة علي اسئلة السائلين و غيرها و قد ترجم حفظه اللّه عدداً من كتب علماء الشيخية الي اللغة العربية و اكثرها مطبوع، و قدكان والده اعلي اللّه درجته اعني المرحوم العالم الفاضل السيد عبداللّه الموسوي من اشهر فقهاء العراق. ولد السيد المرحوم اعلي اللّه مقامه في سنة ١٣٤٦ ه‍ ق في البصرة و كانت وفاته فيها في سنة ١٤٣٦ ه‍ ق و دفن في حسينية بني عامر في كربلاء المعلاة بجوار استاذه (اع).
آثار هؤلاء الاعلام و العلماء الكرام و تصانيفهم خير معرف لهم و هي تبلغ الفا و مأتي رسالة و كتاب في مختلف العلوم و المعارف الاسلامية و الحكمة الالهية الشيعية.

صفحه ١٤

 و جدير بالذكر ان الجماعة التي اصطلح علي تسميتها بالشيخية نسبة للشيخ الاوحد الشيخ احمد بن زين الدين الاحسائي يومنا هذا ليست منحصرة في اتباع العلماء المذكورين هنا و قد تشعبت هذه الطائفة الي فرق متعددة فمنهم من ينتمون الي الشيخ احمد الاحسائي (اع) و السيد كاظم الرشتي (اع) فقط و لايتبعون ساير من ذكرناهم من العلماء و منهم من يقولون بتبعية المرحوم الحاج محمدكريم خان الكرماني (اع) ايضاً دون ساير العلماء المذكورين و منهم من يتبع الكل و ربما يوجد بين كل فرقة منهم مع ساير الشيخية اختلاف في آراء و وجهات النظر في بعض المسائل، و الذي حدانا الي ذكر اسماء هؤلاء العلماء الثمانية لميكن العصبية او القرابة او الانتماء الي اسرة و طايفة خاصة بل لانا وجدنا كل واحد من هؤلاء العلماء في وقته و زمانه افضل مرجع للاستخبار و الاستعلام عن العلم و الحكمة و النظريات و الآراء التي بينها الشيخ المرحوم اعلي اللّه مقامه و استخرجها من كتاب اللّه و سنة نبيه (ص) و اخبار آل محمد عليهم السلام و لااقول ان كل هؤلاء العلماء كانوا في درجته (اع) من العلم و الحكمة او مساوياً له بل اللّه اعلم بدرجاتهم و مقاماتهم و قصدي من ذكر هؤلاء دون غيرهم انا ماوجدنا افضل و اقدم منهم في كل عصر في الاطلاع علي اصل حكمة الشيخ احمد الاحسائي و روح كلامه و باطنه،
هذا جنايَ و خياره فيه ** * ** و كلُّ جانٍ يدُه الي فيه

صفحه ١٥

 و في نهاية هذه المقدمة احب ان اؤكّد مرة ثانية ان الشيخية ليست فرقة من غير الشيعة الاثني عشرية بل لها علماء مثل ساير الاثني عشرية استنبطوا علومهم في الفقه و الحكمة من الكتاب و السنة و الاخبار لا غيرها و بينوها في كتبهم و رسائلهم و هم يعتبرون مدرسة فكرية شيعية تابعة لآل محمد صلوات اللّه عليهم في جميع عقايدهم و علومهم و لمزيد اطمينان القارئين الكرام اروي هنا عقيدة المرحوم العالم و الفقيه الشهير و الفاضل الحكيم آية اللّه السيد محمد حسين الطباطبائي رضوان اللّه عليه من كتابه "شيعه در اسلام" حتي يتضح ان العلماء المتخصصين في الفقه و الحكمة معاً ليس دأبهم الرد علي العلماء و تكفيرهم بصرف شبهة و كان رحمه اللّه يعتبر الشيخية كطائفة و مكتب في الشيعة الاثني عشرية لا منشعبة عنها و لا مختلفة و هذه ترجمة ما كتبه ذلك العلامة رحمه اللّه في خاتمة فصل يعدّ فيها تشعبات فرق الشيعة، قال: "الطائفتان الشيخية و الكريمخانية اللتين ظهروا في القرنين الاخيرين بين الشيعة لمنعتبر تفاوتهم انشعاباً لان فرقهم مع ساير الشيعة في توجيه بعض المسائل النظرية لا في اثبات اصل المسائل او نفيها" و قصده رحمه اللّه من المسائل النظرية التي اشار اليها امثال مسألة كيفية المعاد الجسماني و المعراج الجسماني و بعض مسائل اصول الفقه و بعض مسائل الفلسفة و الحكمة الالهية و قوله رحمه اللّه "لا في اثبات اصل المسائل او نفيها" الي آخره، معناه انه يعتقد بان الشيخية لا فرق بينهم و بين ساير اخوانهم من الشيعة في اثبات اصول الاعتقادات و نفيها و ماتشعبوا منهم و الفرق بينهم و بين ساير الشيعة راجع الي توجيهاتهم في بعض المسائل النظرية التي جعلت منهم مدرسة خاصة في الشيعة. و من الواضح ان الاختلاف في الامور النظرية امر رايج بين العلماء و مرسوم و ليس و لميكن مناط الكفر و الايمان و الدخول في الدين او الخروج عنه ابداً. اما اصطلاح الكريمخانية الذي استعمله العلامة (ره) المقصود منه في مصطلح اهل آذربايجان هو الشيخية الذين قلدوا بعد المرحوم الشيخ احمد الاحسائي و السيد كاظم الرشتي (اع) المرحوم الحاج محمدكريم خان الكرماني (اع) و هذه الجماعة تشكّل غالبية الشيخية اليوم وهم معروفون في اكثر المناطق بنفس هذا الاسم اي الشيخية.
و نكتفي بهذا القدر في تعريف الشيخية في مقدمة هذه المجموعة من كتبهم المسماة بـ "كتاب الابرار" و صلي اللّه علي محمد و آله الطيبين الطاهرين و سلم.
كتبها العبد المسكين زين العابدين بن عبدالرضا اعلي اللّه مقامه